عن الكِتابة وأشباحها
النساء في المجال العام والتنافس الجغرافي إن الصورة الواردة أعلاه للناشطات المحتفِلات وهن يَسِرنَ بخطى واثقة نحو أم درمان تُعطي انطباعًا مضلِّلًا في كثير من الأوجه. فهي تُحاكي بسهولة مفرطة تصوُّر التقدُّم الذي رسمته صحيفة “الصراحة” أو حتى صورة مرشدات الكشافة في العرض العسكري التي ذُكرت في الفصل السابق. وبهذا، فهي تُغفل وعورة المسارات التي…
·
بادئ ذي بدء، عليّ الإعتراف صراحة أن ثوريّتي لم تتخلّق بين دفّتي الكتب، ولا على مقاعد النخب الثقافية. لقد وُلدت من طين التجربة، من هشاشة الواقع، من منطقة مضطربة عرفت الانقلابات والتقلّبات، وشهدت ثوراتٍ ووأدها، هزائمَ وانبعاثات. ولعل الشرارة الأولى لم تكن نظرية أو مفهوما فلسفيا مجرّدا، بل كانت صورة. الصورة، كما يرى والتر بنيامين،…
·
تسمّى الوَلَّادَة في أرياف السودان الشمالي والأوسط ب “المتوجّعة” أو المرأة التي ستنجب” . وفي الماضي كانت تستعمل الداية حبلاً من سعف النخيل لتوليدها، ومنها جاء اسمها “داية الحبل”. تربطه ملفوفاً بقماش إلى عامود عرش، وهو دعامة للبيوت في منتصف الغرفة وتتفرع في أعلاها إلى شعبتين. فعندما يأتي المخاض وتقف الوَلَّادَة برجلين منفرجتين، تمسك بالحبل…
·
(1914–1918م) قاد السلطان عجبنا بن أروجا بن سبا، زعيم قبائل النيمانج في جبال النوبة بالسودان، واحدة من أطول وأشرس الثورات ضد الاستعمار البريطاني. امتدت مقاومته من عام 1914 حتى فبراير 1918، وتمركزت في مناطق استراتيجية بالقرب من مدينة الدلنج، تشمل كرمتي، النتل، تندية، سلارا، وحجر السلطان. حيث إمتنع السلطان عن أداء الضرائب والدفع للمستعمر، فكانت…
·
للكاتب: جون ريفنسكروفت -John Ravenscroftترجمة: أيمن هاشم كانت مقصورة كوخٍ رائعة — أعمدة خشبية ضخمة وألواح صنوبر، ونوافذ تمتد من الأرض إلى السقف في ثلاث جهات من أصل أربع. أحبّها سايمون من اللحظة التي رأى فيها صورها في كتيّب العطلات. أما الواقع، فقد كان أجمل. «ما رأيك؟» سأل ماري بينما كانت سيارتهما تصعد عبر الطريق الحصوي.…
·
للكاتب: جون ريفنسكروفت -John Ravenscroftترجمة: أيمن هاشم في أحلامي الجميلة، دائمًا ما تقوم ماري إيريس ماكورماك—ميم كما نناديها— بالوقوف على يديها، مُحنيةً ركبتيها ، وتضع قدماها على حائط ساحة المدرسة المبنيّ من الطوب الأحمر. فتنسدل تنورة زيِّها المدرسي الأخضر الناعم مثل جرسٍ هادئ يختبئ نصفه خلف محوره، وعندما تستدير لتواجهني، أرى عينيها المقلوبتين الغريبتين تلمعان من…
·
للكاتب: جون ريفنسكروفت -John Ravenscroftترجمة: أيمن هاشم “أخشى أن أتلف شيئًا في يوم من الأيام…” (بول سيمون – لا أزال مجنونًا بعد كل هذه السنين) عندما كان عمري ست سنوات، فقد والدي صوابه وهاجم نفسه بمطرقة.! أعتقد أن الناس لا يصابون بالجنون هذه الأيام كما كانوا يفعلون سابقًا. صار لديهم رهاب ونوبات هلع وهالات اكتئابية ثنائية…
·
صوت المرأة استعادة شوارع المدينة في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) 1951، أرسلت فاطمة أحمد إبراهيم وزميلاتها رسالةً إلى مُحرر صحيفة محلية ينتقدن فيها قصورَ تعليم البنات. عَرضن في الرسالة الفوضى التنظيمية التي تعيشها مدرسة أمدرمان الثانوية للبنات، وموقفَ بعض المعلمات المتحيز وغيابَهنّ المتكرر عن العمل. نُشرت الرسالة في صحيفتي النسختين العربية والإنجليزية، وأثارت ردود فعل…
·
الطيور الزرقاء في كل أرجاء الخرطوم ترك التعليم الرسمي للفتيات أثرًا امتدّ وراء أسوار الفصول الدراسية، حيث شكّل نمطٌ جديد من اللباس والسلوك العام رداءً متحرِّرًا بعـَدَ أن حوّل البرنامج الإستعماري، أجساد الطالبات إلى أدوات انضباط. تقول حاجة كاشف بدري، شابةٌ في أواخر الأربعينيات: «كان بإمكان الطالبات التنقل وهنّ مرتديات التُوبّ بعد الساعة التاسعة مساءً…
·