كانت مملكة أكسوم واحدة من أعظم الإمبراطوريات في العالم القديم، وظهرت في إثيوبيا خلال القرن الأول للميلاد. وقد ازدهرت هذه الحضارة الأفريقية الغنية لعدة قرون، حيث سيطرت على دولة إقليمية واسعة وكان لها نفوذ على طرق التجارة الممتدة من الإمبراطورية الرومانية إلى الشرق الأوسط والهند. وكانت مدينة أكسوم، العاصمة، متروبوليسًا يبلغ عدد سكانها في أوجها نحو 20,000 نسمة. وتميّزت أكسوم بآثارها المعمارية المتقنة ونظامها الكتابي، كما أنها كانت أول من أدخل الديانة المسيحية إلى بقية منطقة إفريقيا جنوب الصحراء.
كانت أكسوم تقع في مرتفعات شمال إثيوبيا، في منطقة تُعرف بـ”تيغراي”، بالقرب من إريتريا الحالية. وقد سكن البشر هذه المنطقة والوديان المجاورة لها منذ العصر الحجري، وظهرت بها مجتمعات زراعية منذ ما لا يقل عن ألف عام. لكن أصول مملكة أكسوم لا تزال غامضة. يُرجح أن شعوباً من مملكة سبأ، الواقعة على الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة العربية عبر البحر الأحمر، هاجروا إلى هذه المنطقة في الألفية الأولى قبل الميلاد وتركوا أثرًا في ثقافتها. وقد اكتشف علماء الآثار في هذه المنطقة أدلة على وجود مجتمع معقّد يُعرف باسم “ديعمت” أو “D’MT”، سبق ظهور مملكة أكسوم بعدة قرون. ويُعتقد أن هذا المجتمع كان يتمركز في قرية “ييها” الواقعة في مرتفعات تيغراي على بعد حوالي 50 كيلومترًا شمال شرق أكسوم. كما يبدو أن هناك مدينة-دولة أخرى قامت إلى جوار أكسوم على تلة “بيتا جيورجيس”. ولا يزال العلماء يحاولون فهم التطور الثقافي والاقتصادي الذي أدى إلى نشوء كيان سياسي واسع في هذه المنطقة. ومع ذلك، يتضح أنه بحلول القرن الأول الميلادي تقريبًا، كانت أكسوم قد ظهرت كدولة موحدة للمنطقة.
ساعدت الجغرافيا المحلية في صعود أكسوم. فقد بُنيت المدينة على هضبة ترتفع نحو 2000 متر فوق مستوى سطح البحر، ويتميز مناخها بنمط معتدل، وأمطار مناسبة، وتربة خصبة، مما جعلها ملائمة للرعي والزراعة. والأهم من ذلك، أن المدينة كانت تقع في موقع استراتيجي عند ملتقى طرق التجارة الممتدة في جميع الاتجاهات، من سواحل شرق أفريقيا إلى أعماق القارة.
استغل الأكسوميين هذه الفرص التجارية إلى أقصى حد. وكان الذهب والعاج من أبرز صادراتهم، إلى جانب قواقع السلاحف، وقرون وحيد القرن، والبخور، والمرّ، والزمرد، والملح، والحيوانات الحية، والعبيد. وفي المقابل، استوردوا المنسوجات، والحديد، والصلب، والأسلحة، والزجاجيات، والمجوهرات، والتوابل، وزيت الزيتون، والنبيذ. وشملت شبكتهم التجارية معظم دول العالم المعروف آنذاك: مصر، جنوب الجزيرة العربية، الشرق الأوسط، الهند، والصين. وربما كان أهم شركائهم التجاريين هم الرومان البيزنطيون. وتُعد أكسوم أول دولة أفريقية تضرب عملتها الخاصة—من الذهب والفضة والبرونز—وفقًا لأوزان العملات القياسية التي تصدرها الإمبراطورية الرومانية. وقد عُثر على هذه العملات في مواقع عديدة خارج البلاد، حتى في الهند.
بلغت مملكة أكسوم أوج قوتها بين القرنين الثالث والسادس الميلادي. وخلال هذه الفترة، كانت مجتمعًا مزدهرًا ذا بنية طبقية، يتراوح سكانه بين نبلاء رفيعي المستوى، وأفراد من الطبقة العليا ذوي مكانة أدنى، وعامة الشعب. ونمت مدينة أكسوم من حيث عدد السكان والحجم وتعقيد بنيتها العمرانية، بينما نشأت بلدات صغيرة وقرى ريفية في المناطق المحيطة. كما مارست المملكة سيطرة إدارية واقتصادية على مناطق شاسعة تشمل تيغراي وشمال إريتريا والصحارى والسهول الساحلية جنوبًا وشرقًا، ومعظم ساحل البحر الأحمر (في جيبوتي والصومال حاليًا).
وسّعت أكسوم أراضيها كذلك من خلال الحروب. ففي أوائل القرن الرابع الميلادي، قاد الملك “إيزانا الأول” حملة لغزو مدينة مروي (في السودان حاليًا). وفي القرن السادس، أرسل الملك الأكسيومي “كالب” قوةً عسكرية إلى جنوب الجزيرة العربية لإخضاع اليمنيين، وظلت اليمن تابعة لأكسوم لعدة عقود. وقد دعم الإمبراطور الروماني في بيزنطة هذه الحملة، ردًا على اضطهاد المسيحيين في اليمن.
اعتنقت أكسوم المسيحية في القرن الرابع الميلادي، لتصبح أول دولة في إفريقيا جنوب الصحراء تتبنى هذا الدين السامي الجديد. ويُنسب الفضل في نشر المسيحية إلى شخصية تُدعى “فرومنتيوس”، الذي جاء من مدينة صور الفينيقية (لبنان حاليًا). وأصبح فرومنتيوس مستشارًا في بلاط أكسوم ومعلمًا لولي العهد، الملك إيزانا. وبعد اعتلائه العرش، أعلن إيزانا المسيحية ديانة رسمية للدولة. ولا يُعرف على وجه اليقين ما إذا كانت هذه الخطوة بدافع سياسي يعزز علاقات المملكة مع روما، إذ أن التجار الرومان كانوا قد نقلوا معرفة بالمسيحية إلى شبكة أكسوم التجارية قبل ذلك بأكثر من مئة عام.
أما اللغة المكتوبة في إثيوبيا، المعروفة باسم الجعز، فقد اشتُقت من الأبجدية السبئية التي نشأت في مملكة سبأ العربية. وتوجد نقوش حجرية من عهد الملك إيزانا منقوشة بثلاث لغات: الجعز، والسبئية، واليونانية. ورغم أن الجعز لم تعد لغة محكية اليوم، فإنها لا تزال تُستخدم في الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية.
انتهت قوة مملكة أكسوم بالكامل بحلول نهاية القرن الثامن الميلادي. ويُعزى أحد أسباب هذا التراجع إلى هجرة قبائل البجة الرُحّل إلى المنطقة، إذ شكّلت أنشطتهم الرعوية المستقلة تهديدًا لهيمنة أكسوم الإقليمية. كما فقد الأكاسمة سيطرتهم على جنوب الجزيرة العربية، واستولى الفرس على اليمن حوالي عام 578 ميلادية. وكانت الضربة القاضية صعود العرب المسلمين، الذين أصبحوا القوة المهيمنة في المنطقة في القرن السابع الميلادي وسيطروا على الملاحة البحرية في البحر الأحمر. وأدى فقدان الإيرادات التجارية إلى تقويض قدرة النخبة الأكسيومية على الحفاظ على الدولة الموسعة. كما ساهمت العوامل البيئية، ولا سيما تدهور التربة بسبب الإفراط في استخدامها وتراجع وفرة الأمطار، في تفاقم الأزمة.
وانتقلت السلطة السياسية إلى مجموعة جديدة من النخب تُعرف باسم “الأغاو”، الذين أسسوا سلالة “الزاغوي” واتخذوا من مدينة لاليبيلا عاصمةً لهم. ولا تزال مدينة أكسوم مأهولة بالسكان حتى القرن الحادي والعشرين. وقد صُنّفت بقايا المدينة القديمة كموقع تراث عالمي من قبل منظمة اليونسكو عام 1980.

نشأة الملك عيزانا
في عام 320م توفي الملك أوساناس، مخلفًا وراءه أرملته صوفيا ووريثه الصغير عيزانا. لا شك أن صوفيا كانت امرأة قوية الشخصية، إذ تمكنت من الحفاظ على العرش ودرء التهديدات عن سلالة ابنها، وتولت الحكم كوصية عليه حتى بلغ سن الرشد. وخلال وصايتها، أولت اهتمامًا بالغًا بتعليم عيزانا وتأهيله لواجبات الملكية. فبحثت له عن معلم يتسم بالحكمة والاستقامة، وكان ذلك فرومنتيوس، وهو مسيحي يوناني من الإسكندرية أُسر على يد القراصنة في البحر الأحمر وهو طفل، ثم بيع في أسواق الرقيق بأكسوم، قبل أن يصبح مسؤولًا في بلاط الملك أوساناس. أعجب الملك الراحل بحكمته وتدينه، وحرره من العبودية. وبعد وفاة الملك، أقنعت صوفيا فرومنتيوس بالبقاء في البلاط ليكون معلمًا لابنها.
سرعان ما توطدت العلاقة بين عيزانا وفرومنتيوس، فنهل الأمير الشاب من علم اليونان وحكمة الكنيسة. واستمرت هذه الصداقة لأكثر من عقد، إلى أن بلغ عيزانا سن الرشد وصعد إلى العرش في أواخر العشرينيات من القرن الرابع.
تكشف النقوش الأولى التي تركها عيزانا عن شخصية طموحة ومعتدة بنفسها. في “حجر عيزانا” الذي نُقش في بداية عهده، تفاخر بانتصاراته وغنائمه، وادعى نسبًا إلهيًا: “لقد كرّست هذا النُصب ووهبته للسماء والأرض والإله آريس الذي أنجبني… ومن يجرؤ على الإضرار به، فليُلقِ به إله السماء والأرض إلى الهلاك، ولْيمحَ اسمه من بين الأحياء”. في ذلك الوقت، كانت عملات أكسوم تحمل رموزًا وثنية كقرص الشمس والهلال.
لكن تأثير فرومنتيوس العميق أثمر في النهاية، إذ انجذب عيزانا إلى الإيمان المسيحي واعتنقه في وقت مبكر من حكمه، ويُرجَّح أن ذلك حدث عام 324م. لا نعرف تفاصيل التحوّل، لكن دلائله كانت واضحة؛ فقد اختفت الرموز الوثنية من العملات، لتحل محلها الصلبان والرموز المسيحية. وحملت تلك العملات نقوشًا يونانية تقول: “ΤΟΥΤΟ ΑΡΕΣΗ ΤΗ ΧΩΡΑ” أي: “ليكن هذا مرضيًا للشعب”، تعبيرًا عن اهتمام الملك بشعبه ومسؤوليته تجاههم.
رغب عيزانا في نشر الإيمان في أرجاء مملكته، لكنه كان بحاجة إلى دعم كنسي. فأرسل فرومنتيوس إلى الإسكندرية ليبلغ البطريرك هناك ويطلب إرسال رجال دين. وهناك، التقى فرومنتيوس بالبطريرك القديس أثناسيوس الكبير الذي قرر أن لا أحد أحق بهذه المهمة من فرومنتيوس نفسه، فرسّمه أسقفًا وأرسله إلى أكسوم ليؤسس الكنيسة هناك. ومنذ ذلك الحين أصبحت الكنيسة الإثيوبية تابعة إداريًا للإسكندرية.
قدم عيزانا كل الدعم لفرومنتيوس، لكنهما شعرا بخيبة أمل من الفتور الذي قوبلت به المسيحية من قبل العامة، فبدآ بنشرها تدريجيًا بين التجار، الذين كان بعضهم قد عرفها خلال أسفاره، بل واعتنقها سرًا. شجعهم عيزانا على الجهر بإيمانهم، ونظّم فرومنتيوس الصلوات والطقوس. وهكذا بدأ انتشار المسيحية في إثيوبيا من بين طبقة التجار.
وأثمرت جهود الملك والأسقف، فانتشرت المسيحية، وأسس فرومنتيوس كنيسة في أكسوم حملت اسم القديسة مريم صهيون، وهي الكنيسة التي كان يتوّج فيها أباطرة إثيوبيا لاحقًا. ويُعتقد أن تابوت العهد محفوظ هناك إلى اليوم. كما أسس فرومنتيوس أول دير في المنطقة باسم دبّة سلاما، وهو مجموعة من الخلايا المنحوتة في وجه جرف صخري شاهق، ويُعتبر أكثر الأديرة انعزالًا في العالم.
وتقول التقاليد إن 44 كنيسة بُنيت في عهد عيزانا، منها كنائس ذات مكانة أسقفية. وفي عام 2015، كشفت الحفريات في “بيت سماتي” شمال إثيوبيا عن بازيليكا من عصر عيزانا تحتوي على كنوز عديدة، من بينها عملات تحمل صورته، ويُعتقد أنها أقدم كنيسة مسيحية جنوب الصحراء.
في منتصف القرن الثالث، كانت الإمبراطورية الرومانية واقعة تحت تأثير الآريوسية، وكان الإمبراطور آنذاك قسطنطيوس الثاني، ابن قسطنطين. وقد نفي القديس أثناسيوس وسعى لاستبعاد كل رجال الدين الموالين له، ومن بينهم فرومنتيوس، فأرسل إلى عيزانا يطلب إرسال فرومنتيوس للمحاكمة واستبداله بمرشح آريوسي. تجاهل عيزانا الطلب بحكمة، رافضًا إدخال خلافات القسطنطينية اللاهوتية إلى مملكته.
توفي عيزانا حوالي عام 360م، ويُعتقد أن جثمانه يرقد تحت مسلة عيزانا، وهي أضخم نصب حجري في أكسوم بارتفاع 69 قدمًا. أما فرومنتيوس فعاش نحو عشرين سنة بعد ذلك وتوفي عام 383م. ويُعرف في إثيوبيا بألقاب عديدة منها: أبونا (“أبونا”)، وأبا سلاما (“أب السلام”)، وكاساتِ بيرهَن (“كاشف النور”). ويُعتبر كلاهما من القديسين.
مسلات الملك عيزانا
يروي كتاب “كبرا نجست” (مجد الملوك)، وهو نص مقدس عمره 700 عام لدى المسيحيين الإثيوبيين وحركة الراستافاري، أصل السلالة الملكية الإثيوبية، التي تعود إلى ملكة سبأ والنبي سليمان. ووفقًا للنص، فإن ملكة سبأ، وتُعرف محليًا باسم الملكة “ميكيدا”، زارت النبي سليمان في القدس طلبًا للحكمة. وقد أنجبا ابنًا يُدعى منليك الأول، الذي عاد إلى إثيوبيا ومعه تابوت العهد، بمساعدة إلهية حالت دون لحاق جنود سليمان به.
وبمرور القرون، استعاد الملك يَكُونو أَملاك في القرن الثالث عشر هذا النسب السليماني وأسس السلالة السليمانية التي حكمت إثيوبيا لقرون، واستمرت حتى سقوط الإمبراطور هيلا سيلاسي عام 1974.
قبل أكسوم، ظهرت مملكة “دعمت” في شمال إثيوبيا حوالي القرن العاشر قبل الميلاد، وكانت على صلة وثيقة بممالك جنوب الجزيرة العربية، لا سيما مملكة سبأ. وقد أظهرت الاكتشافات الأثرية من حقب لاحقة أدلة على روابط تجارية وثقافية بين المنطقتين، وأشارت بعض الدراسات السابقة إلى تأثير سبئي مباشر في نشوء حضارة “دعمت”، لكن علماء اليوم يؤكدون على الأصول الإفريقية للمملكة.
بحلول القرن الرابع قبل الميلاد، تراجعت “دعمت” لصالح أكسوم، التي تحولت إلى قوة بحرية وتجارية عظمى عبر ميناء أدوليس. وكان طريقها التجاري يصل إلى آسيا والشرق الأوسط، وامتدت شبكتها التجارية لتشمل الذهب والعاج والعبيد والتوابل والمعادن.
إلى جانب دورها التجاري، تميزت أكسوم بتحولها المبكر إلى المسيحية. وفقًا للتقاليد الإثيوبية، فإن السوري “فرومنتيوس” كان أول من بشر بالمسيحية فيها وأصبح أول أسقف للمملكة، ولعب دورًا مهمًا في تنشئة الملك عيزانا الذي اعتنق المسيحية وحولها إلى دين الدولة في القرن الرابع الميلادي.
دُعمت هذه التحولات برموز معمارية وعملات نقدية، مثل قطع النقد التي صُكت في عهده، والتي بدأت بعرض رموز وثنية كالهلال والشمس، قبل أن تستبدل بالصليب بعد اعتناقه المسيحية. بنى عيزانا كنائس عديدة أبرزها “كنيسة السيدة مريم في صهيون” التي باتت المقر الديني الأهم في المملكة، ويُعتقد أنها تحتفظ بتابوت العهد.
كما اشتهر الملك عيزانا بأعماله المعمارية، لا سيما المسلات (الستيل)، وهي أعمدة حجرية ضخمة استخدمت لإحياء ذكرى الحكام، وبعضها يصل ارتفاعه إلى أكثر من 30 مترًا. وقد دُفن بعض الملوك تحتها، لكن معظمها نُهب لاحقًا. إحدى هذه المسلات أُعيدت من إيطاليا بعد أن نُقلت إليها أثناء الاحتلال.
علاقة أكسوم وكوش
ترجمة نص نقش عيزانا.
بقوة سيد السموات الذى حقق النصر في السماء وعلى الأرض ضد (كافة) المخلوقات عيزانا بن على أميدا، بسخالينا، نجاشي أكسوم، و حاكم حمير. وريدان وسبأ وصالحين، و حاكم سيامو و البجة وكاسو، نجاشي النجوش، ابن على أميدا غير المهزوم أمام الأعداء .
بقوة سيد السموات الذى وهبني السيادة على الجميع، جاعلاً منى محبوباً لديه الملك غير المهزوم أمام الأعداء. لا يقف في وجهي عدو، ولا يطاردني عدو من ظهري بقوة سيد الجميع هجمت على النوبا حين أشهر أهلها الحرب وتفاخروا قائلين: لن يجتاز التكازى(نهر عطبرة) .
أهل النوبا. أساءوا معاملة أهالي مانجورتو والخاسا والباريا، على الزرق هجموا وعلى الحمر هجموا، وخنثوا بعهدهم مرتين وثلاث وقاموا مرة أخرى بقتل جيرانهم بلا رحمة، دع عنك سفيرنا وكل من ذهب من طرفنا وكل من أرسلته لهم لإعادتهم للانصياع، فإنهم سلبوهم ونهبوا ممتلكاتهم وسرقوا منهم صولجاناتهم، وحين راسلتهم مرة أخرى فإنهم لم يصغوا إلىَّ ورفضوا العدول عن أفعالهم وتمادوا يراوغون و يمارسون الشرور. حينها هجمت عليهم. شرعت في حملة بقوة سيد الأرض، وتعاركت معهم عند نهر التكازى (عطبرة) ومخاضة كيمالكى حتى لاذوا بالفرار و ما توقفوا.
تعقبت الفارين على مدى عشرين يوماً وثلاث فقتلت وأسرت واستوليت على الغنائم والأسرى الذين جلبتهم قواتي التى نفذت الهجوم. حينها حرقت مدنه، تلك المشيدة بالحجر وتلك المشيدة بالتبن. ونهبت (القوات) حبوبهم وفضتهم وحديدهم ولحمهم المقدد، ودمرت رسوم معابدهم ومخازن حبوبهم وقطنهم، ورموا أنفسهم في نهر سيدا ومات الكثيرون منهم غرقاً،أعدادهم غير معروفة،عندها صعدت قواتي إلى داخل مراكبهم المليئة بالناس رجالاً ونساءً. أخذت في الأسر زعيمين كانا قد وصلا على ظهري جمليهما للتجسس واسميهما اييّساكا وبوتإلى، كذلك أسرت إنجا بنتسا الكبير. أولئك الذين لقوا حتفهم من الزعماء . دانوكفي، وداجإلى، وأناكفي، وحبارى، وكاركارا، وجرح كاهنهم بداية و نزع عنه تاجه الفضي وخاتمه الذهبي. وأولئك هم الزعماء الذين
لقوا حتفهم، ووصلت إلى إقليم كاسو وقتلت منهم وأسرت عند ملتقى نهري سيدا والتكازى. في اليوم الثاني بعد وصولي (إلى هنا) أرسلت كتائبي: كتيبة ماحازا، وكتيبة حارا، وداماو، وفلاح، وسيرا إلى أعإلى سيدا حيث المدن المشيدة بالحجر وتلك المشيدة بالتبن. وتسمى مدنه المشيدة بالحجر علوة و دارو. وقتلت (القوات) وأسرت ورمت في الماء ورجعت بدون خسائر أصابتها بعد أن أدخلت الرعب في قلوب الأعداء و أخضعتهم لارادة سيد الأرض. بعد ذلك أرسلت كتيبة خالين، وكتيبة لاكن، وكتيبة صابرات، وفلاح، وسيرا إلى أسفل سيدا إلى مدن النوبا المشيدة بالتبن: نجفس، وإلى المدن المشيدة بالحجر والتابعة للكاسو لكن النوبا سلختها عنهم وهي تابيتو وفيرتوتى. ووصلت القوات إلى مناطق خاضعة للنوبا الحمر، ورجعت قواتي بدون خسائر آخذة في الأسر بعد أن قتلت وسبت مواشيهم بقوة سيد السموات. ونصبت عرشاً في موضع ملتقى نهرى سيدا و التكازى ضد المدن من الحجر التى هي في هذه الجزيرة. كل ما وهبني إياه. سيد السموات …
اترك رداً على دوود إلغاء الرد