أتساءل، هل أنا وحدي من يتسلل إلى صفحتها، يقلب صورها في صدره، يقرأ ما احتضنه مراراً ، يضحك فيما هو طازج بتكراره، يعتنق بكائها الجبجبة، ينفلت إلى ذواتها الطبطبة، يبحث عن لحظة يشعر فيها أنه ليس وحده
يطلبُ مِنها في سره، على ملأ الرحيل
أن تضمه..
أن تهدئ من روعه؟
لطالما أثارني حضورها البديع المعلم، بصيرتها السمحة، وسحرها عندما يتحول العالم كله إلى حمى-تكن القطعة المبللة فوق رأسه. وأعتبر نفسي من مريدين صفحتها التي صارت مزاراً رقمياً يفخخ قلبي بالرسائل، وهذه المحبة المحفوفة بالأسئلة..
وجود هذه الأصوات المتنوعة على صفحتها يعكس التضامن النسوي الذي بنته خلال حياتها، تعكس التزامًا بمواصلة نضالها وهذا الاحتفاء هو تأكيد على أن رؤيا تحولت إلى فكرة وإلهام
يعكس خسارة صوت نسوي قوي في وقت كانت النساء/السودان في أمس الحاجة إليه..
لماذا أشعر بهذا الارتباط برؤيا؟
ربما أرى فيكِ انعكاسًا لمعاناتي الخاصة، لأسئلتي عن المعنى، عن الحياة، عن الموت. أو لأنني أجد في غيابكِ حوارية لقلقي، لخوفي، لأملي المتعثر.
لِما يُمكن أن تكونه العلاقات الإنسانية، قوية، هشة، مليئة بالحب والفقد والاشتياق. تعلمني بأن رؤيا، حتى في غيابها، لا تزال تجمع الناس/البنات، تمامًا كما فعلت في حياتها..
هناك سر غريب، في علاقتي بالموت/بعض الراحلين ك(لاتينيوس، رؤيا) أجدني في علائق خاصة مع المنتحرين،كما لو أنني أحاول فهم قرارهم، أو ربما أجد فيهم جزءًا مني، جزءًا يتساءل عن جدوى البقاء..
أظنها ياحبيبتي محاولة لاستيلاد معنى من الفقد، مثلما إنثالت روحك في الصفحة حضناً للعزاءات والتسلية، تصبح التعليقات حوارًا غير مباشر بين من يكتبون، كأن كل واحدة تقول للأخرى:
“أنا أيضًا أفتقدها، أنا أيضًا أحمل هذا الجرح”.
هي رسائل إلى بعضنا البعض، إلى العالم، إلى المستقبل، قطع من القلب، مشبعة بذكريات شخصية وتفاصيل دقيقة
إنها ملاذ لمن يكتبن، مساحة يمكنهن فيها البكاء، الضحك، التذكر وأحضانها الآمنة،حيلة لطيفة للإحتفاط بها في حياتهن اليومية. تنقب قدرتها على خلق علاقات تهزم الموت،إنها تعلمنا الحب في الفقد، الذي مهما كان مؤلمًا، يمكن أن يولد تضامنًا وأملًا،أقرأ هذه الرسائل وأشعر بالدفء، الألم والأمل.
تُجسد رؤيا، التي شرعت كعادتها، حتى بالغياب أسئلة..
رؤيا، أنا خائف. العالم ثقيل، الحرب التي رحلتِ بسببها، لا تزال مستمرة، أشعر بالغرق ينفذ من جلدي، هل كنتِ تشعرين بهذا الثقل؟ كيف واصلتِ؟ لا أنتظر إجابة، لأنك العزاء في الكتابة نفسها..
أكتب إليكِ الآن، وأعلم أنكِ ستقرأين بطريقة ما،أبحث عن شيء، ربما عن نفسي، ربما عن معنى.وأنا ممتن لهذه المحبة الجسر، أشكركِ لأنكِ هنا-الدرس الأبدي. وإذا كنتِ تستمعين، بطريقة ما، أرجوكِ، هدئي من روعي.!
أشعر بالطمأنينة/بالحناء على يدك تربت على قلبي
إسمك الصدى
يلثغ لسان صديقي
يتلوى في الشفاه
الحارقة المحترقة
لا أخفيك
سراً
أنني منذ الخامس
عشر من أبريل
أفرقع وحدي
كفشار مجنون
احياناً كثيرة
لا أطيقني..
لا أقدر
على تحمل
وجهي طيلة اليوم!
مزاجي للغاية
أسب الليل والصباح
و
نفسي في القيلولة
تزعجني الأخبار العادية
حتى وإن كانت نكتة
مثلاً
قبل قليل..
كنا على وشك الأكل
نطت إلينا قذيفة يسيل لعابها
لم نكن الطعم
كنا الوجبة الخفيفة للآلام
تعوذت بك
ثلاث حيوات تمائم
يارؤيا
يارؤيا
يارؤيا
إسمك المندلق
في الخبر الواجم
يسيل في التايم لاين
برائحته الشهية
المرعبة
إلى كل يسوع
تحت كل جلجثة
أمد
لساني الحذر
جلدي المحروث
بالموت
اليومي
وشائعات الأمل
فجأة
و
كالعادة
يشعلون المسافة
بحيواتنا الهزيلة
بأنفاسنا المزروعة كفاف
“رؤيا”
أحبك كحائط طيني
سيء الحظ
أحبك كشارع وطني
سيئ الحظ
أحبك ك شاعر ربما
سيء السمعة والحظ
في اللحظة المناسبة
أو هكذا ظن..
أراد أن..
سلخوا جلده
ثم قالوا المسرح لك!
هربت
بالأغنية المدانة إليك
متاهة عن متاهة
أتيتك
تقشرني المناحات
صرت نحوك
أكياس النايلون الطائرة
لو ألتقيك
رأفة بالريح
أجيئك بالأنسولين
الذي لن يصل
بخاخات الأزمة
المعبأة باللحظات الأخيرة
صرخات الإغاثة
لعيون يجف
الطين فيها
ويبتزها
الفشل الكلوي
و
من ناور القناصين
والرصاصات الطائشة
مات بالجوع
و
الحسرة
يارؤيا
وسع لطفك كل شيء
العالم حمى
أنت القطعة المبللة
فوق رأسه
كيف ترحلين !
قبل أن..
دون أي..
يا للحرب حين تهزم
في شعرنا
جئتنا بالخاطر المجبور
قبل يومين كنت معهن
نمشط ثرثراتك ضفيرة ضفيرة
حط صوتك بجناحيه
ينابيعه المعلنة
طيوره المعلنة
رقصاته المعلنة
أعراسه المعلنة
أحزانه المعلنة
شوارعه المعلنة
حيواناته المعلنة
نجاته المعلنة
حياته المعلنة
بكاءاته المعلنة
لو نسي صديقي إسمك
لو يغفلك الغيب
أو
تقايضك الحمى بي
بألف بيت من دمي
بغابة الطلح
والزقزقات المخمرة في الأغصان
أفديك
بأرجل الطيور المنسية
في الخامس عشر من أبريل
خذيني كلي
و
ثلاثون عاماً بالجنيه
لكن
تعالي مرة أخيرة
بوجه الغزالة
قبل رائحة الصياد
رؤيا
لما تشيحين بالباب
عن الضيوف الدموع
الدموع الضيوف
تخيطين بإبتسامة مالحة
اللقاء الذي لن يتم
سبعة عشر غرزة
ياحبيبتي
تتركينه حائراً
يرعى في سره الحريق!
رؤيا
الكلمات المتقاطعة
على وجهك
ماذا تقول؟
ماذا تريد؟
البدايات ثغرك
تأتأت لا نهائية
ومواكب المعزين
كباعة متجولين
يبيعون حسرتهم
لمن يدفع ألماً أكثر..
بدل أن..
يسألونك الشوق
البنات فيك كيف أصبحن
وأسراب العيون على قلبك
أين أصابعي في سلامك
متى كان الحب
ضميراً للرحيل
يتذكرونك..
لمن السرير!
لما القبر!
ما الفاجعة!
أين أنت يا عزاءاتنا!
منومون بالحزن المغنطيسي
يقلعون أعينهم الدامية
يشرحون ملحها
على طست العويل
كملاحات دافئة
يهمهمها البحارة بالمجاديف
يلوكها الجرح
بل صوتك المراق فيه
ربما
نعرف العالم جيداً
البكاء إلى أعين ما
النواح إلى حشرجة
لكن اليوم
يا رؤيا “بالألف”
بكيتك (فيني)
أن واسيني
بك يا حبيبتي
و
كما علمتني
النجاة بالحياة
أريد حظي من الغرق..
اترك رداً على Tayah Badruldeen إلغاء الرد