في عام ٢٠٠٧، وبُعيد ظهورها السينمائي البارز في دور “أمبر فون توسل” – الفتاة القاسية المُتعصبة للجسد في فيلم “هيرسبري” للمخرج آدم شانكمان – نشرت الممثلة بريتاني سنو مقالاً بمجلة “بيبول” تتحدث فيه عن معاناتها الطويلة مع فقدان الشهية. لكن في حقبة ثقافية اتسمت بموقف عدائي غريب تجاه أزمات المشاهير الصغار النفسية (كان العام نفسه الذي حَلَقَت فيه بريتني سبيرز رأسها)، قوبل مقالها بموجة من التهكم. والآن، بعد ١٦ عاماً وتحول جذري في المواقف الاجتماعية، يأتي فيلمها الإخراجي الأول “باراشوت- مظلة” رداً صادقاً على أولئك الذين اتهموها سابقاً بالسعي وراء الأضواء. الفيلم، المستلهم بوضوح من تجربة شخصية مؤلمة، يفتح مظلته مبكراً، عازماً على إنزال شخصياته المتصارعة مع ذواتها إلى هبوط ناعم لم تحظَ به المخرجة نفسها.
الفيلم، الذي شاركت سنو في كتابته مع بيكا غليسون، يعكس عمقاً عاطفياً ويُثبت أن الممثلة – المعروفة بأفلام “بيتش بيرفكت” ذات النجاح الشعبي رغم تقييماتها النقدية المتباينة – تمتلك حرفية إخراجية واعدة. لكن السؤال يبقى: هل صدقه المُطلق يجعله دراما جذابة؟ الإجابة تأتي عبر أداءين رئيسيين استثنائيين. توماس مان يقدم أفضل تجسيد لشخصية ودودة – ساذجة وحميمة ، بينما تبرهن كورتني إيتون (“يلو جاكتس”) على جرأة في تجسيد الدوابع المظلمة واللامتعاطفة لشخصية تجعل من جسدها سجناً.
“رايللي” تلتقي “إيثان” في ليل خروجها من مصحة علاجية كانت تخضع فيها لبرنامج تعافي من اضطرابات متشابكة: فقدان الشهية، تشوه صورة الجسد، هوس بحبيب سابق، وإدمان مُمرض على تصفح وسائل التواصل. يُحظر عليها المواعدة لعام كامل بموجب البرنامج العلاجي (الذي يشمل جلسات مع معالجة متفهمة)، لكنها تحاول كسر القاعدة في الليلة ذاتها بمبادرة فاشلة.
رغم الإحراج، فإن الجاذبية المتبادلة (التي تجسّدها إيتون ومان ببراعة تجمع بين العذوبة والارتباك) لا تُنكر. ينطلق الثنائي في صداقة عاطفية غير جسدية توشك دائماً على التحول لعلاقة أعمق، عبر مشاهد مونتاج تعرض صوراً خشنة تبدو كأنها التُقطت بكاميرا تقليدية، مصحوبة بموسيقى إندي بوب تناسب النوع السينمائي. يبني إيثان لها قلعة من الوسائد، يشاهدان معاً مسلسلات الجريمة الحقيقية، ويقطع المدينة ليلاً ليحضر لها المثلجات حين تهاجمها نوباتها. لكن هل دعمه اللامتناهي مفيد لها أم هو إغداق مُهلك؟ من يستغل من؟ وهل كان الأفضل لهما التوقف عن تحليل الدوافع والاستسلام لفوضى الحب؟
لا يحمل الفيلم حبكة معقدة، فمشاكل إيثان (الذي يُصوَّر إيثاره للغيرية والصبر هو خلل بحد ذاته) تُذكر بشكل عابر، كعلاقته المتضامنة مع والده المدمن (جويل ماكهايل). سرعان ما يفقد التوتر الدرامي بين الثنائي زخمه مع وضوح أن العلاقة قد لا تزهر، رغم استحقاقها الفرصة.
يعاني الفيلم من شيء من الانعزالية التي تعيشها رايلي: الشخصيات الثانوية كصديقتها المثالية “كيسي” ومديرها في مسرح العروقات الفاشل تُدفع إلى الهامش، مع كل منظور واقعي قدموه. بينما تعيش رايلي في شقة نيويوركية فاخرة تمولها أمها الغائبة (بأداء م.لي تشيستر)، مع بطاقة ائتمان غير محدودة، بعيدة عن هموم الحياة كالإيجار أو الفواتير. ربما هذه الامتيازات تفسر مساحة الاضطراب الواسعة التي تنمو فيها.
البعد عن الواقع جزء من الفكرة. فمثل هذه الاضطرابات تُعَذِّب ضحاياها بحلقة مفرغة من كراهية الذات، حيث يظنون التحكم بالذات عبر العقاب. لكن التركيز الحصري على معاناة رايلي – حتى التصوير الخافت الخالي من الزخرفة (كريستن كوريل) يبدو ناعماً كأن حوافه مُنعمة – يصيب بالمَلل رغم سحر إيتون على الشاشة. يسير الفيلم بنوايا طيبة ووصفات علاجية عن ضرورة حب الذات، قد يلامس الصدق أحياناً لكنه يقترب من الابتذال أحياناً أخرى، بينما نراقب شابة مفعمة بالحياة تلتقط أي شيء – وأي شخص – لتُبطئ سقوطها، في انتظار أن تدرك – وحدها – أنها لا تسقط أصلاً.

تظهر كورتني إيتون بوجه برئ يشبه وجه سمر في فيلم 500 days of summer وفي الحقيقة الوجه بقصة الشعر هذا مخيف.!
اترك تعليقاً