إنتبه، هذه الحديقة مسحورة.!
الكاتب: محمد النوراني صرختْ عجلات حقِيبتِها القِماشيّة تحت وطأة صلادة و قسوة الإسفلت , فشدّت بكفّها على مقبض الحقيبة لتبعثَ فيها طمأنينة كما يفعل كل رفقاء السفر مع بعضهم . الميناءُ البَرّيّ كان نائماً سوى من بائعات الشاي تَرقُصُ نيرانُ مواقدهنّ على نسمات الفجر الذي بدأَتْ مراسمُ استيقاظه. يدٌ تحْملُ جيتارها والأخرى تُصافِح الحقيبة, وقلبٌ…
·
في عَالَمِ السّينما الَّذِي يَسُودُهُ التَّكْرارُ، يَبْرُزُ دِينِيس ڤيلينيف كَصَانِعِ أَفْلَامٍ لَا يُشْبِهُ أَحَدًا. لَيْسَ مُجَرَّدَ مُخْتَرِعٍ لِحَبَكَاتٍ مُثِيرَةٍ، وَلَا مُنَفِّذٍ لِسِينَارْيُوهَاتٍ تِجَارِيَّةٍ، بَلْ فَنَّانٌ يَنْحَتُ أَسْئِلَةَ الْوُجُودِ بِمِاسَحَةٍ مِنْ غُموضٍ وَإِزْعَاجٍ. في فيلمِهِ “العدو” (2013)، الَّذِي يُعَدُّ وَحْيَهُ الأَكْثَرُ إِثَارَةً لِلْجَدَلِ، يُطْلِقُ ڤيلينيفُ رِصَاصَةَ شَكٍّ نَحْوَ فِكْرَةِ الْهُوِيَّةِ الْفَرِيدَةِ، مُسْتَعِينًا بِوُجُودٍ مُزْدَوَجٍ لِجَيك جيلينهال، وَعَالَمٍ بَصَرِيٍّ…
·
في عَالَمِ ماكوتو شينكاي السّينمائي، تَتَجَسَّدُ مَوْضوعةُ “البُعْدِ/ الفُراق” كخَيطٍ نَديٍّ يَنسَابُ بَينَ أَعْمَالِهِ، مُحَاوِرًا شَغَفَ المَراهِقِينَ وَهَشَاشَةَ مَشَاعِرِهِمْ المُثْقَلَةِ بِهُمومِ اليَوْمِيِّ. لَكِنَّ “حَدِيقَةَ الكَلِمَاتِ” يَخْرُجُ عَنِ المَألُوفِ لِيَغُوصَ في عَلَاقَةٍ مُثِيرَةٍ لِلْجَدَلِ بَينَ تِلْمِيذٍ وَمُعَلِّمَةٍ، مُحَطِّمًا تابُوهَاتِ المُجْتَمَعِ اليَابَانِيِّ الذِي يَنْظُرُ بِعُيُونٍ قَاسِيَةٍ إِلَى “الْمنْعَزِلِينَ”، تَتَحَوَّلُ الشَّخْصِيَّاتُ إِلَى مَرَايَا تُعَكِّسُ تَنَاقُضَاتِ النَّفْسِ البَشَرِيَّةِ بِدُونِ…
·
في حي المسالمة، الصبية التي لم تبلغ العقد الثاني من عمرها، والتي عُرفت فيما بعد بإسم (فوز) ترتدي فستانها الأبيض، بتصفيفة شعرها المميزة، شاقةً إياه لنصفين، وبقوامها الأسمر الفارع، تذرع سوق أمدرمان جيئةً وذهاباً ، لتتفادى الجواسيس وتقطع الزقاق المؤدي لدارهم، لم تكن تخبئ أقراط الفِدا الذهبية، فقد كانت تلمع كأقمار ذهبية، ولا الحجول في…
·
في جُنوب السُودان يتموَضع الشعرُ في مَقامَ الأكسيرِ الذي يُحوَّلُ الكلماتُ المُغَنّاةُ إلى نُبؤات تَتناقلها الأجيال، حامِلًا أسرارَ الأسلافِ وحِكَمَ الزَّمنِ القَديمةِ. وهُوَ الوجهُ الأخَر للحياةِ، والكِتابُ المَفتوحُ الذي يُدوِّنُ بِحروفِ اللَّحنِ تاريخًا شَفَهِيًّا، ويَرسمُ مَلامحَ الهُويَّةِ الاجتماعيَّةِ والثَّقافيَّةِ لِقبائلَ تَعتزُّ بِأصواتِها كَما تَعتزُّ بِأراضِيها. تَحتل الأغانِي التي تُتلى في طِقوسَ الأرواحِ مكانةً قُدسِيَّةً. فَالشِعرُ…
·
الكاتب : إبراهيم جعفر مكرم فَزِعتْ الخَالةُ الكبيرة، أقدم سيِّدة عرقي في شارع المصانع، والمشْهود لها من قبل الجُوكِيّة بعملِ أجود مشروب كحولي في كل المنطقة الغربية.. حين اكتشفتْ أن الفتى، حَسَن لطَافة، مازال واقفاً أمام الإنداية رغم حر الظهيرة. كانت قد طردتْه في الصباح، كما فعلتْ على مدار الأيام الثلاثين الأخيرة، مشددة عليه أنها…
·
تعتبر الحروب الحديثة إحدى الكوارث البيئية الكبرى، ليس فقط بسبب الخسائر البشرية والدمار العمراني، ولكن أيضًا بسبب التأثيرات المدمرة على البيئة والنظم الإيكولوجية. سنقدم تحليلاً متخصصاً للأضرار البيئية المرتبطة بالحروب، انطلاقاً من النموذج السوداني لحرب أبريل وتأثير العمليات العسكرية على الموارد الطبيعية وحتى التحديات البيئية طويلة الأجل. آثار مباشرة التأثيرات غير المباشرة للحروب الآثار البيئية…
·
“بيدرو بارامو: النصّ المنسي الذي وُلِدت مِنه الواقعية السحرية في أمريكا اللاتينيةترجمة : صالح علماني “بيدرو بارامو”.. روايةٌ قصيرةٌ مكسيكيةٌ ألهمَت عمالقةَ الواقعية السِحرية وظلَّت في ظلّهم، وفي دوائر -العالم الناطق بالإنجليزية- مجرّدَ مُقدّمةٍ لروائعِ الستينيات مثل “مئة عام من العزلة”. حتى التراجم اللاحقة لم تخلُّ من هذه النظرةِ المُختزِلة. أقل من ١٢٠ صفحة، ينسجُ…
·
قبل ستة وعشرين عامًا، لم يكن “نادي القتال” مجرّدَ فيلمٍ، بل طلقةُ تمردٍ صادمةٌ في وجهِ ثقافةِ الاستهلاك. كانت خطاباتِ “تايلر دوردن” ثورية. بل ما يزالُ الفيلمُ يشعُّ جماليةً سينمائيةً بفضلِ إيقاعِ ديفيد فينتشر السريعِ، وعبقريةِ المونتاجِ الذي يَخلطُ صوتَ الراوي (إدوارد نورتون) بلقطاتٍ سرياليةٍ: فناجينُ قهوةٍ متكررةٌ، شخصياتٌ منهكةٌ بملامحَ واقعيةٍ، وخلفياتٌ ضبابيةٌ تُشبهُ…
·