فصلٌ عن المارشيملو

·

·

,

بِسم الله الذي أشهدَ خلقُهُ الأسماءَ، في عالمِ الماءِ والأرواحِ، أنزلَهَا لتيِهها في مَنزِل الأشباحِ، أرضُ سافلِين، القائِلُ كانتَا رتقَاً ففتقناهُمَا، فكذا حالُ المُحِب في نشأةٍ تُرابيةٍ، مِن مُضغةٍ أشجانٍ نبتليهِ، يحِنُّ لطينِ حبيبِهِ في أرضٍ مُوحشةٌ بيداءَ، يَحِنُّ لتمرٍ في حبيبه، يَحِنُّ إلى التمودة، يَحِنُّ إذا هبتِ السَموم، ويَحِنُّ إذا قامت فيه القيامة، فما أنضجه سوى قُبلة، قِيل نفخةُ الرُوح بالفمِ، مِن الفمِ تُنطَق الأسماء وإلى الفمِ يحنُّ الفَمُ. حتى يُقلّب قلبُهُ اللظى ويُسكِره الألم. 

وقِيل ما هيّ، نزاعةٌ للشُوى، أجابتِ الأرواحُ بالظمأ، وعلى الظمأ تُفطم، وبالظمأ تنضُجُ التمُودةُ، فهما في الجريرةِ سِيّان، قلبَهُما خدشٌ في تمرة. وجعلّ الأيدي جُذورًا، تتشبث بالكتفِ، فينمو أحدهُم في كتفِ حبيبه، وينمو أحدهُم في جسّة. كما تنمو مِن خدشة التمرُ شجرةَ، ولُولا لُطفَهُ لمشى الناسُ في الناسِ كالغابةِ، ولمشى الناسُ أشجاراً. ولولا الإلتباس لصارَ لُكلِ محبوبٍ في محبوبهِ غُصن، فيمضي الناسُ قِمصاناً وزرافات، أسالُ الله أن يؤتيني مِن عُنقِك ما أُحِب.

جئتُها وعقدينَ مِن عُمري، أحسّبُه قد ضاعً، وأحسبُ أن حسبي اللهُ الذي أجرى في دمي دمها، وأجرى لي أنهُراً مِن عسلٍ في ريقها، ونمَت فيّ منابت الكلام، فلم يعد لساني أعمى، بل صارَ في كُلِ عُقدةٍ من لِساني عين، وتركَ عُيوني مِنها تعَلُف، فأكلتُ مِنها النظرة، رمتنِي كالسامِري أتحسسُ اللمسةُ أتحسسُ أثرَّ المَلاك.

جِئتها مخدوشاً بالرغبة، فوسمَتنِي بالجوع. جئتها بالرقبة، وجاءتني بعناق، فمحت أيامي التي كنتُ فيها رتقاً. جئتها في فِتاق، فتاقّ إلى صدرها صدري، جئتها لإلتصاق، فتُقت إلى الواحد، إلى سماوات كنتُ فيها مُذنِباً، جئتها لعناق- أرنو لزرعٍ في أرضها، لجنةٍ في عدن.

فهاجَت شياطيني، هاج نهرٌ النيل، ونهرُ ليلٍ في الليلِ. توسدتُ صباحها، وألقمتني سؤدد صدرها، ألقمتني الفاكهة، هيجتُ الملكات الغارقات فيها، هيجتُ بنت الدميرة، فذابت جروفها، قبلتُ جروحها، قبلتُ سُرّة التمرة. وإمتصت جروحي، مصّت المارشيملو، مصتِ الجمرة.

 أتتني كنهرٍ في عِراك، أتتني حين قلت دجلة، وحين سال مني الفرات، فإلتفت الساق بالساق. شدت من يدي عروقها، فنبتت يدٌ مني في يدها، وسِيقت يدي لجيدها، وصار ما بيننا نارٌ ومسد، وراجّ ما بيننا من إشتهاء، راجت بضائع وفواكهه في سوقِنا لبعض، قايضَتني باللُطفِ، أتيتها من سنين التيه، بقوافل من وحشةٍ، وأرتني ما بها من أرجاء، ياللمدينة/ يا لدينها-لو حُلت العقدة في لساني، لقلتُ: بت اللزينة.!


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *