أرواحٌ هائِمة – التوائم والقطط

من أقدم الحكايات المتوارثة عن التوائم في السودان، تلك التي تقول إن التوائم يتحولون إلى قطط ليلية بعد أربعين يومًا من ولادتهم. يُقال إن أرواحهم تغادر أجسادهم في الليل لتسكن في القطط، ولهذا حذّر الناس قديمًا من إيذاء القطط لئلا تكون أرواح التوائم فيها. وبالرغم من أن أحدًا لم يشاهد هذا التحول بعينيه، إلا أن القصص المتواترة كانت كافية لترهيب المجتمع، خصوصًا الأمهات، ودفعهن للاعتناء الفائق بتوائمهن.

تقول الروايات إن التوائم يعبثون في مطابخ المنازل ليلاً، ويأكلون الطعام، خصوصًا اللحوم، دون أن يشعر أحد، وعندما تعود أرواحهم إلى أجسادهم صباحًا، يصابون بالضعف والمرض. ولهذا السبب كان المجتمع ينصح بعدم إيقاظ التوائم ليلًا، لأن أرواحهم قد تضيع في رحلتها الليلية ولا تعود إلى أجسادهم أبدًا.

من القصص المثيرة أن الجيران القريبين من أسرة لديها توائم كانوا يشكون دائمًا من اختفاء الطعام من مطابخهم ليلاً، فيُقال إن التوائم هم من فعلوا ذلك أثناء تحولهم إلى قطط. كما يُروى أن بعض الأسر لجأت إلى وضع “الدوكة” (وهي صفيحة معدنية تُستخدم لصناعة الخبز السوداني) فوق ظهور التوائم أثناء نومهم لمنع تحولهم إلى قطط في الليل.

وفي بعض المناطق، يُجبر التوائم على شم رائحة حيوان ميت متعفن (فطيسة) كإجراء وقائي لضمان عدم قدرتهم على التحول إلى هيئة أخرى. قد تبدو هذه الممارسات غريبة، لكنها كانت جزءًا من محاولات الأهل لحماية أبنائهم من المجهول.


ففى اساطيرالتراث النوبي يتميز فيه التوأم بوضع خاص فتشير المعتقدات الشعبية إلى أن التوائم يمتلكون أرواحًا هشة و”نصف روح” فقط،، وتسعى الأسرة النوبية للمحافظة عليه بشدة، حيث يعتقدون أن الموت يهدد التوأم دائما، ويقولون: إن التوأم نصف روح، ولذلك فإنهم لا يندهشون عند موت أحدهم، ويخافون على مصير الذكر أكثر من الأنثى، لاعتقادهم أن الذكر مهدد دائما بالموت، النوبيين يعتقدون أن التوائم يتحولون إلى قطط في الليل، يتجولون ثم يعودون في الصباح الباكر إلى منازلهم حيث تعود إلى صورة أطفال.

وكانت نصيحة الجدات للأسر التي لديها توائم هي العناية بهم وإطعامهم أولًا قبل بقية الأبناء، لأنهم عرضة للمرض أو الفقدان بشكل أكبر.


في إحدى القصص الشهيرة، يُحكى أن توأمًا صغيرًا تعرض لإصابات غامضة في قدميه بعد أن قامت إحدى السيدات بضرب قطة كانت تعبث في المطبخ ليلًا. وفي الصباح، ظهرت نفس الإصابات على قدمي التوأم، مما أثار فزع الأسرة وأكّد إيمانها بأن القطة كانت روح الطفل.

وفي رواية أخرى، كان هناك رجل على متن طائرة متجهة إلى بورتسودان عندما سُلّم مظروفًا غريبًا. طُلب منه إعطاؤه إلى “توأم” يعيش هناك، وحدد له عنوانًا غريبًا: “اذهب إلى المطعم الفلاني وستجد قطة بعين مصابة، سلّمها المظروف.” وعندما قام الرجل بذلك، أخذت القطة المظروف وغادرت، مما أصابه بالذهول. وعند مغادرته المطعم، قيل له إن حسابه قد تم تسديده مسبقًا، مما زاد الأمر غرابة.

التحول الى قطط في الميثولوجيا يشبه إلى حد ما الأساطير العالمية. ففي اليابان، هناك أسطورة “باكي نيكو” التي تتحدث عن القط الوحش أو القط الشبح، وهو كائن أسطوري يُعتقد أنه قطة تمتلك قدرات خارقة، مثل الكلام أو التحول إلى هيئة بشرية. يبدو أن الخيال البشري، رغم اختلاف الثقافات، كان دائمًا يميل إلى ربط القطط بالغموض والقوى السحرية.

المصادر:

  1. مجلة “وازا” (2004). دراسة حول المعتقدات الشعبية للتوائم في السودان.
  2. المرويات الشفاهية السودانية.
  3. الفلكلور الياباني: أسطورة “باكي نيكو”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *