●سايمون أبرام أوضوك
يجد الباحث في معتقدات قبيلة الشلك (الشلو) – وهي قبيلة أفريقية توجد بإقليم أعالي النيل في جمهورية جنوب السودان- أن أفراد القبيلة يؤمنون بوجود إله أعظم خالق السموات والأرض، وكل ما فيها ،شأنها في ذلك شأن “قبائل أعالي النيل التي تعتقد بإله سماوي عظيم خلاق ينزل الغيث، لا يعرفون له صورة مادية، لأنه لا شكل له ولا تدركه الأبصار، وإنما يدركونه بالعقل، فهو روح عالمي هو مصدر الخير والشر على السواء”. وبالإضافة إلى الإعتقاد بوجود هذا الإله الذي أوجد الكون فإنهم يعتقدون أن لديه قوة خارقة تفوق كل القوى العاملة في الكون.
غير أن الشلك يعتقدون بوجود آلهة متعددة ” أو أرواح أخرى خفية تصل قوتها إلى الفعل الملموس كالقتل وانزال المطر والإتيان بالمصائب” وتعتبر أدني مرتبة من ذلك الإله الأكبر
” الخالق الوحيد.. الكل الذي أتى منه ويأتي ويعود إليه الكل”
وتعمل هذه الآلهة الأقل مرتبة وقدرة تحت رحمة مشيئته، ويتضح ذلك جلياً عند الكهنة التقليديين والعرافين والوسطاء الروحيين أنهم ينادون باسم الإله الأعظم أولاً عندما يهمون بممارسة أي عمل يخصهم، ويبررون ذلك المسلك بقولهم أن الإله الأعظم هو صاحب كل القوات ، وخالق الكون ، لذا فدعوته واجبة بدءًا غرض الإستئذان أوالمباركة والقبول. يلجأ الشلكي إلى هذه الآلهة الصغرى أي الوسيطة بدعواته دائمًا معتقدًا أنها الأقرب وقد أُوكِل إليها قضاء حوائج الناس ، غير أنه يعود فيلجأ إلى الإله الأعظم إن عجز هؤلاء في تلبية دعوته، وهذه الآلهة الوسيطة، ماهي إلا أرواح الأسلاف الذين رحلوا، ويُعْتَقَد بإمكانية الحديث إليهم أو التواصل معهم بصفة مباشرة، أو عبر وسيط من الكهانة يُعْتَقَد بإمتلاكهم القدرة على هذا النوع من الإتصال. ويجدر الإشارة إلى أن هذه الآلهة الوسيطة هي نفسها قد خُلِقَتْ من قِبَل الله وهي نفسها تتعبد له.
ويجد الباحث أيضاً أن اللفظ الذي يطلق على الإله هو ” جواك ” Jwøk ، ويجمع على ” جوواك ” بمعنى آلهة. وللتفرقة بين الإله الأعظم والآلهة الأخرى ، فهو يسمى ” جواك أرييم ” بمعنى الإله المهيمن ، المسيطر المغطي على كل حيز بالوجود. كما يقال له:
” جوانق-آشواج ” Jwøng-a Ácwääj أي الإله الذي خلق (صنع)، وثمة مرادفات أخرى غير ما ذكرتُ.
ونخلص إلى أن الأمر لن يتطلب كثير عناء لنقول أن الإله الأعظم الذي تؤمن به قبيلة الشلك “جواك ” هو الذي نطلق عليه ” الله ” ،”وهو الكائن الأقوى الموجود وسط الشلك كإله.. بدرجة أكبر أو أقل في كل الأشياء..وإليه ينسب الظواهر الخارقة للطبيعة، الجيدة منها والسيئة أيضًا التي تتكون منها الحياة” وأن أمر وجوده من عدمه يعد محسوماً أيضاً أنه موجود ويعمل بجلاء بينهم كما في كل الكون منذ بدء الخليقة وأنه “مصدر الحياة والقوة والذكاء في الكون”.
المراجع
1-هوبير ديشان –الديانات في أفريقيا السوداء –الهيئة المصرية العامة للكتاب2011م.
2-جيمس دينق ألالا- التراث الشعبي لقبيلة الشلك-معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية –جامعة الخرطوم 2005م.
3-ديفيد غريبر – قولدسميث جامعة لندن- بحث بعنوان:الملكية الإلهية للشلك – مجلة النظرية الإثنوغرافية 2011م.
4-أخرى.
اترك تعليقاً