أسطورة علي بابا البجاوي

علي أولباب: القائد البجاوي الذي أرّق العباسيين

عُرف في السجلات التاريخية بـ”علي أولباب”، أو كما اشتهر لاحقًا في الأدب الشعبي بـ”علي بابا”. اسمه الحقيقي “علي لُباب”، وكان ملكًا من ملوك قبائل البجة الذين سكنوا مناطق البحر الأحمر وجنوب مصر. تميز بشجاعته، وبراعته في القتال، وقيادته الفذة في حروب العصابات مع رجاله الشجعان وعندما يحاصروه في الجبال كان ينزل وياخذ تموين الجيش العباسي حتى سمي علي بابا والأربعين حرامي وهي كتيبه الخاصة وكانوا شجعان جدا وبعد فشلت  كل محاولات الجيش العباسي في قبض أولباب البجاوي ، حيث ظل لعشرين عامًا يقاوم الحملات العباسية التي أرسلها الخليفة المتوكل.

رغم أن المتوكل بعث خمس حملات عسكرية متتالية للقضاء عليه، إلا أن جميعها فشلت بسبب تكتيكات علي أولباب الذكية واعتماده على التضاريس الجبلية لحماية نفسه ورجاله، الذين أصبحوا يُعرفون لاحقًا بـ”الأربعين حرامي“، وهي تسميه أدبية لفرقته الخاصة.

حملة إخراج أولباب من كهوفه

خلال موسم الحج، اجتمع المتوكل بقادته الذين اشتكوا من علي أولباب، فوعدهم بالقضاء عليه. فظهر قائد يمني يُدعى “ابن طرفة”، عرض على المتوكل خطة لمهاجمة علي من جهتين: من الشمال والبحر (عن طريق جدة). وافق المتوكل، ونُفذت الخطة بنجاح، إذ استعان ابن طرفة بأهل الجبال وتمكن بعد معركة شرسة من أسر علي أولباب.

تم نقله إلى بغداد، حيث استُقبل استقبال الأبطال، وكان على رأس مستقبليه الخليفة المتوكل نفسه. أُعجب الخليفة بصلابة علي أولباب، إذ لم يطلب الرحمة بل برر تمرده بثقل الضرائب المفروضة على قبيلته. فاحترمه الأدباء ووصفوه بأنه رجل طويل القامة آدم البشرة كثيف الشعر مستقيم الأنف به شمم وكبرياء وهو مليح الوجه والتقاسيم.
اعجب الخليفة ووزرائه بعلي لباب لانه لم يطلب الرحمة والعفو ولكنه برر حربه على الدولة العباسية بأنهم ارهقوا قبائله بالجبايات تعجبوا من علمه بتاريخ المسلمين أكرم المتوكل علي لباب وبالغ في الحفاوه به وخرج معه في موكب عظيم طاف به بغداد وضربت عملة العباسية تلك السنة فيها نقش المتوكل وعلي لباب البجاوي  راكبين على جمل وبعدها تم شروط  الاتفاقية على السلام بين البجة والدولة العباسية ورجع لأهله عزيزا مكرما الملك  البجاوي  علي أولباب.

سردية أخرى عن أولباب المقاوم

بعد فترة من الالتزام باتفاق السلام، عاد البجة لمحاولة السيطرة على صعيد مصر، والحج إلى المعابد الآمونية. فأرسل المتوكل القائد “محمد بن عبد الله القمي”، الذي كان على دراية بأرض البجة، لمحاربتهم.

رفض القميّ تكثير عدد جيشه لاكتظاظ الطريق وصعوبته، وانتقى فُرسانًا قلائل. واجه جيش البجة الضخم بطريقة ذكية، فشغلهم بكتاب طويل كتبه في طومار ولفه بثوب فاجتمعوا لقراءته ، ثم هاجمهم بينما كانت في أعناق خيله أجراس، ففزعت الجمال البجاوية، وتشتت الجيش البجاوي وقتل منهم الكثير، بمن فيهم ملكهم. فتولى ابن أخيه “أولباب” الحكم، وسارع بطلب الهدنة.

سافر أولباب إلى بغداد في سنة 241 هـ، والتقى المتوكل في “سرّ من رأى” (سامراء)، وتم توقيع اتفاقية نصت على: أداء الجزية والبقط والسماح للمسلمين بالتعدين في أراضي البجة وعدم التعرض لهم في وادي العلاقي ومناجم الذهب.

عقب هذه الاتفاقية، ساد السلام، وازدهر التعدين، وتوافدت القبائل العربية مثل ربيعة وجهينة، و كثر المسلمون في المعادن واختلطوا بالبجا قلّ شرهم وظهر التبر لكثرة طلابه وتسامع الناس به فوفدوا من البلدان حتى أصبحت القوافل التي تنقل المؤن من أسوان تبلغ ستين ألف راحلة.

قصة حرب الأجراس

وفي خلافة جعفر المتوكل علي الله بن المعتصم، غزا البجه صعيد مصر وقتلوا من وجدوه بالمناجم من المسلمين، وتقاعس جعفر عن غزوهم وتوالت السنون وكثرت الشكوي. ولما كثر القتل في المسلمين العاملين في مناجم الذهب هجروها فانقطع بذلك ما كان يؤخذ للسلطان بحق الخمس من الذهب والفضة، فولي المتوكل محمد بن عبد الله القمي محاربة البجه وولاه معادن تلك البلاد، واشتبك جيش المسلمين بالبجه بقيادة ملكهم علي بابا (أولباب) واستمرت الحرب سجالا حتي استعمل العرب الخدعة بوضع الأجراس علي أعناق الخيل، فنفرت جمال البجه من كثرة الضوضاء وذلك في عام 241هـ. وطلب ملك البجه التفاوض، وعاد مع جيش القمي لبغداد وترك علي ملك البجه ابنه (فيعس) ثم عاد علي بابا معززا مكرما من بغداد بعد أن وقع إتفاقية مع المسلمين تنص بانتفاعهم بمناجم الذهب، والملك علي بابا هو من قبيلة (بلي) التي يقال لها بالبجاوية (بلويب) وهذه القبيلة كانت لها السيادة علي البجه. ويقول المؤرخ الأستاذ ضرار صالح ضرار في كتابه (هجرة القبائل العربية) إن:

قصة كنوز علي بابا في الأدب العربي جاءت من الملك علي بابا هذا.

وتذهب الدكتورة نادية بدوي في كتابها (حلايب) لتأكيد هذه الرواية حيث تذكر:

أن سكان المنطقة يتحدثون عن مغارة ملكهم علي بابا المليئة بالذهب والمجوهرات والتي حاول عدد من المغامرين كشفها والاستيلاء علي محتوياتها.

يروى أن منظر علي بابا وأعوانه ساعة دخولهم على الخليفة وفي رأسهم الحراب، أوحى لمؤلف ألف ليلة وليلة – المجهول – بهذه الحكاية الخالدة، وفق ما أورد الدكتور د. إدريس إبراهيم جميل في كتابه “الحباب ملوك البحر وأهل السادة”.

ويشير الطبري إلى أن علي بابا عاد إلى دياره وهو لا يزال وثنيًا لم يسلم، بعد المصالحة وتربعه مجددًا على عرش ملكه.

ويورد المسعودى أيضا ذكر حرب البجة، في كتابه “صورة الأرض”، وأن ملكهم علي بابا أعد جيشًا لحرب المسلمين قدر بمائتي ألف على الأقل.وقد تكون نسبة علي بابا الوارد في ألف ليلة وليلة، نسبة لتشابه الاسم وربما لا يحمل دليلًا كبيراً على أن الحكاية مصدرها هذا الرجل، أو استوحيت منه.غير أن تقاطعها مع العصر العباسي ووصول علي بابا بزيه العجيب إلى بلاد الرافدين، قد يشير إلى أنه:

ربما استلهمت منه القصة.فالحكاؤون في بلاط الخلفاء كانوا قد لعبوا دورًا ملموسًا في تطوير الحكايات والقصص التي وردت في تراث ألف ليلة وليلة.

تذكر روايات أهل المنطقة أن ملكهم “علي أولباب” كان يملك مغارة مليئة بالذهب والمجوهرات. واستُوحي من قصته حكاية “علي بابا والأربعين حرامي”، التي ظهرت لاحقًا في كتاب “ألف ليلة وليلة”، وربما أضافها المستشرق الفرنسي أنطوان جالان في ترجمته للكتاب في القرن 18م.

كما نجد في العصر الحديث : قصة  “علي بابا والأربعين حرامي” التي تعتبر من قصص التراث العربي، الواردة في كتاب “ألف ليلة وليلة”، وإن كان ثمة شك في أنها كانت فيه من الأساس، بل تمت إضافتها لاحقاً على يد المستشرق الفرنسي أنتوني جالاند (1646 – 1715م)، حيث وجدت الحكاية في نسخته التي ترجمها للفرنسية في القرن الثامن عشر الميلادي.

غير أن المستشرق ريتشارد الإنجليزي فرانسيس برتون (1821 – 1890م) يرى أن هذه الحكاية من صميم كتاب ألف ليلة وليلة، وقد اشتهر برتون بترجمته لكتاب ألف ليلة وليلة إلى اللغة الإنجليزية.

وكان برتون يرى أن حكاية علي بابا جزءٌ من نسخة نادرة من كتاب ألف ليلة وليلة، هذا الأثر التاريخي الخالد، الذي يكاد له تأثيره في مجمل الأدب العالمي، كما يعترف بذلك الأرجنتيني بورخيس والكولمبي ماركيز.

ورغم التداخل الكبير بين الحقيقة والأسطورة، إلا أن شخصية علي أولباب تظل حقيقية، تمرد على الدولة العباسية، ووقّع معاهدات معها، وساهم في رسم ملامح حقبة مهمة من التاريخ الإسلامي في جنوب مصر والبحر الأحمر.

يقول المؤرخ ضرار صالح ضرار في كتابه “هجرة القبائل العربية” أن شخصية “علي بابا” مستوحاة فعلاً من الملك البجاوي. وتؤكد الدكتورة نادية بدوي في كتابها “حلايب” أن أهالي المنطقة يؤمنون بمغارة الملك المليئة بالكنوز، وأن عدداً من المغامرين حاولوا العثور عليها.

أولباب في ألف ليلة وليلة

بينما نجد المحكية التي تدور في ألف ليلة وليلة تحكي في الفصل التاسع قصة علي بابا واللصوص الأربعون وفي الليلة الرابعة والثلاثون في الليلة التالية، وبينما كانت شهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاءً يا أختاه، اروي لنا إحدى قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن أكثر القصص إثارة على الإطلاق.» فأجابت شهرزاد: «كما تشاءان!»

بلغني — أيها الملك — أن أخوان يُدعيان قاسم وعلي بابا ثم تستمر بالحكي عن الشخصيات ذات الملامح الشرقيّة و تدور أحداث القصة حول الحطاب عربي يدعى علي بابا يسمع بالصدقة كلمة السر تفتح باب المغارة التي يخفى بها عصابة اللصوص كنوزهم و يحمل كلمة السر افتح يا سمسم تمكن علي بابا من الحصول على الكنوز المخبأة في المغارة لكن لم يعلم اللصوص يمكنه من خلال جارة الحاسد الذي وشىْ يوقروا الذهاب إلى بيته لقتله و استرجاع الكنوز لولا فطانة زوجته مرجانه وأرسل اللصوص جاسوسا ليعرفوا بيتا علي بابا و يضعوا عليه علامة لكي يذهبوا إليه في الليل لقتله فقامت مرجانة بعد رحيل الجاسوس بمسح العلامة و وضعها على باب الجارة السيىْ .و ذهبوا وقتلوا الجارة وليس علي بابا


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *