أبقار الدينكا، ثروة ثقافية لا مادية !

سايمون أتر

إداريا يتبع الدينكا نظام لامركزي ؛ حيث يتربع على رأس كل عشيرة سلطان منفصل عن العشائر الأخرى دون أن يخل ذلك بتماسك المجتمع، وإستقرار منظومة القيم العرفية التى تنظم حياة الفرد.

أما إجتماعيا فتسود نظام الأسرة الأبوية والذي يترتب عليه علو كعب الذكور على الاناث!.

التبرك بمولد البنات

رغم ان الشواهد تقول: بأن وقع خبر ميلاد “إبنة” في الأسرة مُفرح اكثر من وقع ميلاد “إبن”! ويعود ذلك لسبب ، ان “الفتيات” تمثلن رأس مال في حد ذاتهن (كمية أبقار المهر المتوقعة عند تزويجهن) ؛ لذلك يحظى “ابو البنات” بإحترام وسط المجتمع ؛ فهو اما “نسيب محتمل” او “ثري محتمل”!.

أيضا تحظى “ام البنات” بإحترام مماثل. وما كلمة (män nyaï) اي -ام البنت- التى تُنادى بها النساء (احتراما) ألا دليلا آخر على مكانة وأهمية الإناث في الإقتصاد الثقافي للدينكا -إذا جاز لنا التعبير!.

ونعني بالإقتصاد الثقافي ، تربية الأبقار للتفاخر والتباهي فقط ، دون ان تدخل في دائرة الإقتصاد المتعارف عليه ؛ حيث لا يقوم الدينكا بذبح او بيع الأبقار للتجارة بل يحتفظون بها كثروة ثقافية إجتماعية!.

وفي هذا يكاد يصل إرتباطهم بالأبقار مرحلة التقديس!. وهذا الإرتباط الوجداني العميق ليس بسبب القيمة المادية للأبقار بل لقيمتها الثقافية ؛ فالأبقار تُمثل عصب ثقافة بل هوية الدينكا!


رد واحد على “أبقار الدينكا، ثروة ثقافية لا مادية !”
  1. الصورة الرمزية لـ Youbile Yousif

    اتفق و بشدة.. إن ارتباط شعب الدينكا بالأبقار يتجاوز بكثير المفهوم المادي للثروة، ليرتقي إلى مستوى الهوية الثقافية والوجود الاجتماعي. فالأبقار ليست مجرد حيوانات لديها قيمة اقتصادية قابلة للقياس، بل هي رمز للتراث والانتماء، وحافظة لتاريخ حي يتناقله الأجيال. هذا الارتباط الوجداني العميق يكشف لنا كيف يمكن للثقافة أن تحوّل الماديّ إلى مقدّس، وكيف تصبح الثروة غير المادية، مثل التقاليد والقيم، أغلى من أيّ مال.. إنها دعوة لإعادة النظر في مفهومنا للثروة، وللتذكير بأن بعض أغلى كنوز الإنسانية لا تُقاس بالأرقام، بل بالمعاني التي تحملها في قلوب الشعوب.
    شكراً اتر ♥️

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *