نِضالٌ ضُد المُوت

·

·

,

في حي المسالمة، الصبية التي لم تبلغ العقد الثاني من عمرها، والتي عُرفت فيما بعد بإسم (فوز) ترتدي فستانها الأبيض، بتصفيفة شعرها المميزة، شاقةً إياه لنصفين، وبقوامها الأسمر الفارع، تذرع سوق أمدرمان جيئةً وذهاباً ، لتتفادى الجواسيس وتقطع الزقاق المؤدي لدارهم، لم تكن تخبئ أقراط الفِدا الذهبية، فقد كانت تلمع كأقمار ذهبية، ولا الحجول في ساقها، كانت تفعل شيئاً واحداً فقط عندما يطلب سُمّارها إخفاء المناشير والبيانات، أو عندما تتبعها عيون الإنجليز، تبتسم.

إلا أنها في اليوم الذي دخلت فيه مستشفى أمدرمان، عندما شاهدت الخليل يعبر أمامها وقد أصابه الوهن، كان يكح عندما أبصرها، أمسك بيده صدره محاولاً إيقاف السعال، ثم أخذ يضغط على أوتار العود مغنياً ” ماهو عارِف قدمو المُفارق” ، رأت الشول بت حلوة شكلاً جديداً للإبتسامة، نحتاً غرائبياً في وجه خليل فرح، عرِفا تماماً شكلاً جديداً للمقاومة، لم يكن عبر المناشير، كما لم يكن ضد الإنجليز فقط، لقد كان ضد الموت أيضاً.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *