الكاتب: أيمن هاشم
في ذلك اليوم المُعتم، ذات ظهيرة هبّت فيها رياح العتيبيت، تحولت السماء بعدها الي قعر طست صدئ، قرر محمسعيد أو هكذا يلفظ إسمه دفعة واحدة، القيام بمغامرة أخيرة، ليحمل جوال ذرة عابراً به الحدود التي هي في الأصل وادي رملي يقبع في كل من جانبيه حرس الحدود.
المتسللون يطلق عليهم العساكر لقب الفئران، و في القرية يمكنك تمييزهم بأسمائهم التي تلفظ ، ك-لُحمة واحدة، الشرايين الخفية التي تسرب الدم بين القريتين لم يوقف نبضها الحرب الأهلية و لا الصحون المنفجرة.
الكثير منهم يعود بقدم واحد أو لا يعود، محمسعيد يُدرك فداحة هذه المغامرة فعائلته يفصل بينها وادي ممسوس، تتوهط فيه صحائن معدنية ما إن تدوسها تحصدك.
حينما وطئت قدميه الوادي، أخذ يركض بسرعة متخذاً خطاً مستقيماً لكي ينثني في أخره و تبطؤ سرعته ليتسلق الوادي مجدداً داعساً بقدميه أعشاب السنمكة مصدرة صوت تكسر أخشاب صغيرة و فجأة يصدر صوت معدني، كليك، يعقبها إنفجار.
علي الجانب الأخر تُصدر أم صوت تهويدة لينوم طفلها تقول فيها ” اوروهوم لودق حلفا واتفنطرا “*.
في الصباح عند المقهي يُحصي الناس بعضهم ليتأكدوا من المفقود، أصبح الجميع يتحدث عن غياب محمسعيد بل تمادى بعضهم بلفظ إسمه مجتزأً محمد سعيد، أخرون يقولون أن الديكتاتور سجنه، قال البعض بأنهم رأوه في يهرول في وادي عرفه، و لكنهم تأكدوا تماماً حينما نمت الذرة أسفل ذلك المنحدر.
اترك تعليقاً