كُنَّا نُعَانِقُ العَبَثَ

·

·

, , ,

الكاتب: عبدالحكيم محمود الشيخ

كُنَّا نُعَانِقُ العَبَثَ، أَوْ رَقْصَةَ المَوْتِ،

وَإِيقَاعَ الوِلَادَةِ مِنْ تَوَارِيخِ الغَدِ المَفْتُوحِ بِالإِمْكَانِ.

مَرَّةً وَإِلَى الأَبَدِ،

وَلِأَجْلِ أَنْ نَبْقَى نَعُودُ وَنَنْتَصِرُ،

قُلْنَا نُعَانِقُ العَبَثَ.

كَمْ كُنْتَ أَنْتَ المُنْتَصِرَ يَا جَيْشَنَا الشَّعْبِيُّ!

يَا شَعْبَنَا المُنْتَظَرَ، يَا شَعْبَنَا الأَبِيُّ،

كَمْ كُنْتَ أَنْتَ سَتَنْتَصِرُ لَوْ مَرَّةً طَاوَعْتَنِي،

أَوْ كُنْتَ قَدْ قَاوَمْتَنِي،

لَكِنَّنِي رَاقَبْتُ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَنْسَى نِهَايَاتِ الخَرِيفِ.

طَاوَعْتُ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَرْثِيَ أُمِّي،

يَا رِفَاقِي، هَا أَنَا أَنْسَى الخَرِيطَةَ وَالوَطَنَ.

هَا أَنَا أَرِثُ التَّشَبُّثَ بِالمِحَنِ.

هَا أَنَا أُدْمِنُّ تِجْوَالَ المَطَارَاتِ،

مَحَطَّاتِ القِطَارَاتِ فِي تَصَارِيحِ السَّفَرِ،

دَائِرَاتِ الأَمْنِ وَالهِجْرَةِ وَأَحْكَامِ القَدَرِ.

يَا رَبِّي وَرَبَّ قَصِيدَتِي،

وَطَنِي هُوِيَّةُ سَاعِدِيَ المَفْتُولُ.

سَاعِدُ عُشَّاقٌ قَادِمُونَ مِنَ المَنَاحَاتِ العَمِيقَةِ،

يُولَدُونَ مِنَ التُّرَابِ،

وَيُولَدُونَ عَلَى الطَّرِيقِ إِلَى اللَّجُوءِ.

يُولَدُونَ مَعَ الصَّبَاحِ،

وَيُولَدُونَ مِنَ الوَطَنِ.

نُسِفَتْ مَتَارِيسُ الرِّيَاحِ، نُسِفَتْ مَتَارِيسُ الرِّيَاحِ،

وَتَقَادَمَتْ مُدُنُ الصَّبَاحِ،

خَرَجَتْ مَوَاكِبُ نَصْرِنَا، وَتَطَايَرَتْ سُفُنُ الوَرَقِ،

جِيلِي يَتَعَلَّمُ، وَلِيَعْلَمْ مَنِ انْبَثَقَ مِنْ وَطَنِي:

وَطَنِي مَسَاحَاتُ الحِصَارِ

وَأُغْنِيَاتُ الاِنْتِصَارِ. أَلْقَاكَ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ،

وَأَشُدُّ أَوْتَارَ القَصِيدَةِ بِاللِّقَاءِ،

أَلْقَاكِ كَيْ أَبْقَى عَلَى قَيْدِ الحَيَاةِ.

أَلْقَاكَ يَا وَطَنِي وَأُعْلِنُ لِلأُغْنِيَاتِ عِنَادِي:

أُنَادِي صَبَايَا بِلَادِي،

وَأَصْعَدُ أَعْلَى مَنَارٍ بِحَلْقِ المَدِينَةِ،

أَعْلَى بِحَلْقِ اللَّجُوءِ،

وَأَشُدُّ مِنْ قَادِمَاتِ السِّنِينَ حِصَارِي،

وَأُعْلِنُ أَنَّ المَسَافَةَ بَيْنَ البَنَاتِ وَبَيْنَ البِلَادِ

مَسَافَةُ عِشْقٍ وَمَوْتٍ وَعُمْقِ التِحَامٍ.

لِلَّذِينَ يُقَابِلُونَ الحَرْبَ أَكْتُبُ أُغْنِيَاتِ الاِنْتِصَارِ:

رَقْصَةَ المَوْتِ وَإِيقَاعَ الوِلَادَةِ مِنْ تَوَارِيخِ الغَدِ المَفْتُوحِ لِلإِمْكَانِ.

ذَاكِرَةُ مَوَاعِيدَ مُبَكِّرَةٍ مَعَ الشُّهَدَاءِ وَالجَرْحَى

مِنَ الأَرْضِ الَّتِي احْتَضَنَتْ بَقَايَانَا وَأَسْرَانَا وَالبَحْرَ الأَحْمَرَ،

مِنَ الأَرْضِ الَّتِي وَلَدَتْ مَدَائِنَنَا،

مَرَاتِعَ حُلُمِنَا وَوَلِيدَ سَبْتَمْبَرَ،

مِنَ الأَرْضِ الَّتِي تَرْحَلُ بِفِعْلِ جَرَائِمِ العَسْكَرِ.

مَوَاعِيدُ مُبَكِّرَةٌ مَعَ النَّابَالِمِ وَالبَرْبَرِ،

أُنَادِي مَرَّةً أُخْرَى وَأُعْلِنُ أَنَّنَا أَكْبَرُ مِنَ الرَّصَاصِ وَالخَنْجَرِ،

مِنَ الطَّيَرَانِ وَالطُّغْيَانِ وَالعَسْكَرِ.

أَعُودُ وَأَسْتَكِينُ عَلَى رَصِيفِ البَحْرِ،

نُغَنِّي نِصْفَنَا المَسْلُوخَ فِي المَهْجَرِ،

وَأَرْفَعُ رَايَةَ الإِيمَانِ فِي الأَرْضِ الَّتِي سَكَنَتْ دَوَاخِلَنَا

وَعِشْقٍ يَنْتَهِي ذَاكِرَةً أَرِيتْرِيَّةً.

بِلَادِي غَابَةُ العُكَاكِ وَالأَسْمَاكِ وَالعَسْكَرِ!


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *