يعقوب عبد العزيز
إلى : محمد الأمير
يكتب العشّاق لحبيباتهم الشعراء يكتبون للسيدات، تكتب الذئاب لقطعانها ، تكتب الصّحف الأخبار الطازجة ، يكتب المعلمين لئلا تذوب أصابعهم الطّبشور المتظاهرون يكتبون لتتذكر الأنظمة، المطر يكتب لشهقة الأرض الأولى…
[ 1 ]
كان الزمان متواطئا والهواء خفيفا على الرئة، الطُرق لازالت في بِكر عُرسها والجميلات يصهلن في السّاحة قبل الشرايين، كانت الطيور تغنّي ويُسمع لها صدى والنهر يجري وله خرير والخرطوم تضع أحمر شفاهها يوميًا وتسّرح ضفائرها للصباح.
نبذّر الوقت الملِل ونضحك، ندّخر السنين ونهِبها فجأة لعابر سبيل أو لسيدة حزينة، نغنّي وتسمع الجدران نبكي وتبكي معنا أشجار النّيم وفرندات الزّنك..
ووسط الزِحام التقطني،
درت حول نفسي، كان الصّوت شحيحًا في الآذان عندما نادى للمرّة الأولى.
كان الصّوت أليفًا وقريبًا تكاد تجزم أنه في قلبك، شيءٌ يشبه الهمس أو غمزّة للشريان الدّاخلي
واستدرت…
وسط الضوضاء وفي النهار السّعيد رفعتُ بصري، ضوضاء هادئة خطوات أليفة وعجلى سماعات على الأذن وقهوة تشبه سمرة الأرض، ضحك وشجار مُفتعل ألوان مزركشة ومريحة ، نسيم عابق برائحة مميّزة وأحضان ملء اللحظات.
محاولاً أن أقبض على بحّة قبل أن تلوّثها الشعارات كانت المذبحة بِكر ، والأنظمة تفخّخ حتى الأصوات واستبقت الوقت لأرد.
جيفارا:
ناداني بصوته الشّجيّ راسما بدرابزون الدهشة حدوداً بيننا تلك الدهشة الأولى التي لا تصدقها الأذن والعين ، تلك التي لم أجدها مرّة أخرى حتى بعد أن مضينا مع اتجاه الريح وعكس اتجاه الريح، حتى بعد أن استنشقنا الدّخان وغرٍقنا في اللهب، بعد أن مشت على جلدنا الأسلاك الشائكة والمجنزرات وجيوش الذباب.
صافحني الصوت بصورة باردة دون أن ينبته لإرتباكي بينما لا زلتُ أتنهّد في ذاك الوقت وأمدُ يدي قابضًا على معصم العشريني المزيّن بإسورة خرزات أحكمها خيطٌ رفيع حملت لونين الأبيض والأسود، وانتفضتُ فجأة وشعلة كهرباء تسري في يدي، بينما ابتسم الغريب وسحب يده وكأن ذهولي لا يعنيه…
واقفًا صافحني ومضى ولم نلتقي بعدها قريبًا…
[ 2]
مرّ الوقت سريعًا دون أن ننتبه، كنا منشغلين آنذك بتقليم أحزان (اللبخ )ومواساة الصديقات اللواتي ربطن ضفائرهن في المرساة على الشاطئ وكان النيل متفاجئا بالمؤامرة ، مضى الوقت سريعًا حتى قبل أن نعتذر لطفولتنا التي أعِرناها (سبائك النّحاس) و(الاسكراتشات ) وابتلعتنا الأذقة الطينيّة المتعرجة قبل أن نأخذ لقطة كاميراً ، مضى الوقتُ سريعا كرشفة نعنع في الظهيرة ولم نلتقي إلا داخل الأنابيب والأماكن المعتّمة التي تشبه عوادم المصفحات…
وكان الرجل أميراً على قلبي مذ تلك اللّحظة، كان ثائرا مذ أن عرِفته ، ثائرا في وضع عدساته الطبيّة ثائراً في مجاراة الثيران داخل الحلبة، ثائرا في طلبه للقهوة، في تحصيله للمواد الأكاديمية في المشي في الطّريق وفي الوقوف أمام عجلة الفساد، يمكنني اليوم وصفه بالرجل الذي لا يهدأ
وكان صديقي.
لم أعرفه على نفسي ، ولم يعرّفني عليه. وكنتُ أجزم أننا خلقنا لنكون أصدقاء . كان ثمة أطُر مشتركة بيننا وبعض المبادئ التي نقفُ عليها في زمنٍ فقد فيه الناس كلّ شيء للمراهنة.
أشعر بأن كتلة من الكبرياء تسري في دمنا وأن جزءًا من الخِصال اللواتي زودننا بها أمهاتنا القديمات لا زالت تجري في داخلنا وهذا سبب لنكون معًا.
لم يعرّفني عليه وكان صديقي
لم نحتسي كوب قهوة وكان رفيقي
لم ننام في سرير مشترك وكان أخي
لم يكُن درعًا وتلقى الرصاص نيابة عنّي
كان أميرا على جيوشي ذاك الشاب الأبنوسي وعرفته ساخراً جداً، يشبهني في فلسلفته للحياة وفي قفشاته الكثيرة ولم نتفق على موعد.
مرة وجدته يحمل لي وصية (لم يطلبني هاتفيًا) كان القدر يجزم بأن يضعه في طريقي على سبيل الصدفة والصدف لا تنتهي.
سلمني الوصيّة وواقفًا أيضا غادر…
[ 3]
مرّة طلبتُ منه سيجارة فرفض؛ رفض أن يعطيني سيجارة وعندما زفر أخرج كتلة دخان ضخمة من صدره يشبه تمامًا عادمًا لمصنع قديم . هل يدّخر الرجل الدخان في داخله وأنا لا أعلم؟!
لم أعاتبه؛
سألته مرّة عن الإسم الذي يحمله، وعن ولعه الدّائم بأغاني ( الباشكاتب) سألته عن حقيبته ذات اللون المميّز
عن إهماله المتعمد لمظهره الأنيق، سألته عن النبوة التي يبشّر بها عن حبيبته الأولى التي سرق منها قُبلاً خجولة في الأعراس والمآتم وغابا في مروج الطّفولة
ولم اسأله وإلى اليوم عن سبب مصافحته لي بدون سابق معرفة، داخل كليّة تشحذُ بالآف من تقاطعت في صدورهم الأوسمة.
كان ذاك الأمرُ يتعلق بفترة كفاحيّة ، وكنت أحترم فيه ذلك.
ومضت الخيول سريعة وكنا نكبر كإشاعة
ومضت السيدات أنيقات وكنا ننتظر في المشيب
ومضى الوطن في المأساة وكنا ننتظر المسيح
والرجل كان صديقي، ولم يكن عابراً..
سألته مرة ما اسمك؟!
أجابني مرايا..
نبشتُ ذاكرتي البعيدة
وسألته من أين أنت؟!
أجاب : من الظِّل ؛ وكان في يده لوحة..
كان يرسم بألوان زيتيّة وديان حجرية طويلة يشقها من المنتصف(وادي برلي ) كثعبان اسطوريّ حزين وعلى ضفافه تمتد أشجار المانجو والجوافة بكبرياء قديم شاهدة على كل الإضطرابات
وسيِدات جافٍات كعيدان (الهشاب ) يردن الماء بحفّاظات (الإسكوت) ذات اللون السّماوي
وتنزّ من مساماتهن المعاناة..
وعندما سألته مشدوها عن سرّ هذه اللوحة قام بإتلافها أمامي؛ ولم أناقشه أيضا ؛ احتفظتُ بردّي لي ومضيتُ جازما…
جازما بأن هذا الرجل لا يكون إلا أنا فلا يمكن أن يشبهني بهذه الطريقة
لا يمكن أن يكون هذا الرجل إلا صديقي.
لم نجلس مرة على طاولة مقهى أو بار لكن تآخينا نمى في جسد الفاجعة كنا توأمين في رحمٍ مشوّه وكان الرجل ثائراً مثلي، لم نتحدث كثيراً أو نسكر نخب البلاد ووليمة الجلاّد لكننا نتشابه.
التقينا مرة ونحن نخبّئ (شارع القصر ) من اللصوص ومرة التقينا داخل طائرة منكوبة ومرّة في حافلة تئن بإتجاه (أم درمان ) ومرة في مائدة للسلطان.
[4 ]
كتب لي ذات يوم :
[رأيت المدينة تتنفس ببطء يا يعقوب، كانت كمن يتهيأ للبوح. قهوة مدرسة الشرق كانت شاهدة على صوتك المخبوء في أقداحها، صوتك الذي ينساب مع البخار ويرتفع مع الأفق، كأنه صلاة أولى لفجر لم يُخلق بعد. على طاولتك القديمة هناك، تركت خطوط أصابعك، كشهادة على حضورك الذي يأبى أن يرحل.]
أعتقدت أن الرّجل كان يحرّضني على شيء ما.. ربما نخب ذاكرتنا معًا لذاك الوقت الثقيل الذي مضى زحفًا كشفرة على أوردتنا، لقد حركت فيّ رسالته هذه رغبة دفينة للكتابة انا الذي تجنّبتها لأشهر كثيرة ربما حفاظا على توازني النّفسي أو حتى عدم رغبتي في نبش تلك الذّاكرة، يحدث أيضا أن نُصاب بالجّبن نحن الذينا خضنا معاركنا بأيادٍ خالية ودماء ساخنة، وأنا اقرأ مقتطفات من الرسالة كانت تغلي في داخلي الإنسانية وأحاول ألا أنفجر ، فالكتابة كما قلت، فعلٌ ثوريّ دائما ما يحتاج النّزاهة
كان الرّجل يحرّضني بالمرارة تحت لساني كان يحرّك في داخلي رغبة الإمساك بحبال الخيال من نسيج اللحفات المهترئة من (نشارة) الأخشاب من غبار أحصنة (هولاكو) وهو يقتل الأنفس في حقول القُطن، من خمرة (ودسيف) التّائبة
من وقع الشّمس العمودي في رؤوس أبناء الحلال، من الرمال التي تشبهنا والحجارة التي نشبهها…
من خيول (الريف) التي تتبوّل في الميدان
من دخّان المسكِيت وزجاجات (الفودكا ) من كل شيء ولم تبرد السجائر في رئتي بعد …
كنّا متعبين انذاك ومفرغين من الذاكرة، كنّا سذجًا ولم نساوم بنعمة العقل كنّا رحماءُ بيننا ولم نرأف بجِلدنا
كنا نحتسي النهار من فناجينه ولم نصاب بالسحائي، كانت القهوة أنيسة الظهيرة وبرغم عدائي لها، كان يسخر من ( سديريتي ) السوداء
لقد بددنا السخريّة والنّكات، هتكنا بيوت العنكبوت بدون أية تُهم و (أمونة) المُتعبة تحملتنا على ظهرها في مساء (الحلنقة ) كأبناء عاقين.
كان يحرضني أيضا على الحياة ويهدد بالانتحار، مؤمنًا عرفته وصوفيًا عرفني كنا نبتلع الحزن غصّة
ونذوب في وقائع نوبة صوفيّة فجائيّة
كانت الروح ترد الحضرة تجاور نبيّها وفي المساء ترجع للجسد الرخو مشحونة بحبّ رسولها الكريم وصحابته وسدرة منتهاه…
كان هشًا وهو يبكي يبدو كطفلِ في يتمه الأول أو فطامه الأول ويحبّني لأسباب متفاوتة
ويومًا كاملاً لا نتحدث.
[5]
سألني مرّة ساخراً:
((و يعدّ وجبة العشاء ببعوضة ))
ما حكم من يقتل بعوضة حامل يا صديقي ، وانفجرنا ضاحكين
كنا نضحك ضحكنا للجوع وانقطاع الماء والسجائر الردئ
ثم نحتكم للشرع على فتوى أبونا وصديق المرارة ووسيلتنا إلى الضلال
(سهيل اللحظة)
فيصدر الأوامر النهائية القاضية بالتحليل ونضحك لهذه الدعابة السخيفة
.
((اكتشفت فيما بعد كنا نضحك لأننا عاجزين عن البكاء))
كانت فتاوينا بسيطة آنذاك، تقتصر في رزيلة ( القنافذ السعيدة ) ودعر (ود ابرك ) وبغضاء ( القط الرمادي)
بينما في الخارج كانوا يسرقون الوطن
ونبكي بعد ذلك يوما كاملاً.
كان الرجل شغوفا وهو يبكي تخاله يسخر من الأشياء بطريقته الخاصة مغلفًا أسبابه دائما بالسخرية..
[6]
مرة قبضته يشيع جنازة على غفلة منا والظلام حالك، كان يقتل قتلاه ويدسّهم سراً لا يبوح به
ويقايض الضوء بالجثث ونحن نيام، ولماذا أنتم نائمون ، لا أحد يجب
سوى الجلاد الذي يقف فوق الجميع شاهراً سوطه
ولم أعتابه…
كان يدفن الجثث أحيانًا من خلفنا وينطوي على نفسه في الليل، ولماذا لا تأخذ كتفي يا صديقي…
لم اسأله
كان كتفي اصطناعيا في الحقيقة قد يذوب من دمعة حارقة وكنتُ أجود به طالما نحن في عهد استعراض الأكتاف المدعّمة بالنجوم الذهبيّة.
[ 7]
سلام الله عليك أيها النبي وأنت تحافظ على وصاياك في زمن كثر فيه السراق والزناة والقتلة والطبّالين
وانت تحاول ان تنجو كمذنب في سمائك وماذا ترجم هل ترجم الذين تطاولوا على استراق هتافنا أم ذاك الذي يؤمّهم جميعًا في الضلالة
سلام الله عليك أيها النقي وانت تسألني كمرّة أخيرة هل لا زلتُ أقلّب أحجار السنين؟!
لا أعرف بعد أيها الولد الملتاع
هل ربطت نيالا شالها الحريري وخرجت ؛ لكنني أجزم بأنني صادفتها مرة في (شاطئ بيروت) كانت بوجهٍ مغبّر شاحب وعينين كالحتين وأنفاس مختنقة، كانت ترتدي أثمالاً بالية لكنها لا زالت تحتفظ بأناقتها المفرطة
بتعاريجها الأنثويّة بعطرها الذي لا يشبه عطرٍ بموسيقاها التي لا تشبه موسيقي ، بصباحاتها النّاعسة بسكّيرها وأوليائها الصالحين
بندوب حروبها وبأطفالها اليتامى
كانت تقطع الشارع بلهفة بينما لا تعبأ بشرطي المرور الذي يوقف الطريق لجلالة عظمتها، كانت تحمل في يدها شيئا ربما (قفّة من السعف) بداخلها جوقة من الأولاد لا أدري،
كنت سأتأكد من ذلك قبل أن تغمض (راشيل ) عينيّ ، تخبئ وجهي بيديها الصغيرتين تعتذر لي عن المسرحية الميلودرامية وتعدُني بقبلة.
فنيالا يا صديقي لا تكون إلا أمَّا مطعونة في عقر دارها.
تسالني مرة أخرى في مناسبة أخرى..
هل تفتح كسلا قلبها للشمس ؟!
أحاول ألا أجيبك قبل أن أزيح ثقل (توتيل) كبيدق من الرّقعة، قبل أن يضعه ( آفرو ) في حقيبته القماشيّة ويغادر كآخر عهدٍ له بالوطن. لقد كان شامخًا حتى بعد حملة التدنيس
أقول لك هل يمكن أن تكون (كسلا ) راقصة باليه قبل أن يغزو (هولاكو) بجيوشه الأرض
سنحاول أن لا نرى الدماء في جرحها الأسفل لا زال بنا بعض ذاك الكبرياء .
[ 8]
والآن… الآن فقط يا صديقي أقول سأحاول الكتابة إليك..
الآن وبعد كرنفال الخسارة بعد أن نفذ مخزون الدمع الاحتياطي وطارت الأفراخ من عشّي يا صديقي
الآن بعد أن نمى الشيب في رأسي أقول: أحاول
لكم مدهشة هي الكتابة عندما تكون من بعدٍ آخر ، لكم سخيفة هي الكلمة عندما تعجز أن تشرح الوجع، لكنني لا ألومها على كل حال .
لقد قلنا كلمتنا حين خرست الحناجر، لقد بارزنا بالنداءات حين صمتت الأصوات الأجيرة
لقد صرخنا حين كان الصّوت ممنوعًا وقلنا كلمتنا في زمن الصّمت…
هل ننتمي الآن إلى جيل الجُّبناء ولا ندري ؟!
أحاول ألا أسألك
والآن فقط بعد أن استرحت من مرارة القلب والنظرة الغريبة، الآن فقط بعد أن خسرتُ حبيبتي وخذلني ألأوكسجين
الآن فقط بعد أن كتبتُ غربة على سبّورة الحائط ونبضتُ في قلب (راشيل) الصغير، الآن بعد أن دفنت الجنازات بيدي
الآن فقط بعد أن استكان حسّون لعشّه وذبلت وردة المزهريّة، الآن فقط بعد أن فقدت البيوت عبق الصنوبر والشوارع غمزات المراهقة والسّهرات مذاق (العرقي ) الحاذق
الآن فقط يا صديقي بعد أن خدعونا بالشعارات المنمّقة واللافتات التي لا تؤدي إلى شيء سوى للنهاية نفسها.
الآن يا صديقي بعد أن هدأت ( أفراس الوحشة ) بعد أن بكيتُ على كتفٍ غريبة وسرقتني القطارات العجول…
الآن فقط يا صديقي بعد أن مرّنتني الأحزان وهدأ ضجيج الموتى في المقابر داخلي . الآن فقط بعد أن أجهشت سيدة بالبكاء على صدري بعد أن سهرتُ ليلا كاملاً أرتب الأبجدية ، الآن فقط بعد أن أخليت مقعدي لسيدة مسنة ، بعد أن هرست البطاطا لأجل العشاء ، الآن فقط بعد أن انقطع سعالك، وتوقفت (خجيجة) عن مناجاتي.
الآن فقط بعد شربتُ بحراً لأثمل ، بعد أن أصابتني رصاصة طائشة، الآن فقط بعد أن سرقت وردة من حديقة عمومية ، بعد خنقني المعنى..أقول أفكّر أن أكتب
عن ماذا أكتب؟
أسألك هذه المرّة
أيحدث للكتابة أيضا أن تصبح وطنًا في المنفى ؟
لا أحد هنا يجيب، عليك أن تختار هنا لغتك يا صديقي اللغة أيضا مُثل الجنازة لا شأن لك في انزياحها
لقد مشت عليّ الأحداث التي تستحقُ الكتابة ولا زلتُ صائما أو أقول ربما أصبحت معطوبًا في الحكاية
حكايتنا يا صديقي تقاطعاتنا الأولى في العتبة الأولى في (البمبر) الأول الضحكة الأولى والغياب النهائي
هل للوطن لعنة؟!
أحاول ألا اسأل اليوم وجيوش البرد تزحف على شقّتي السكنيّة البئيسة ويحاصرني الأرق، أنا الذي خلتُ العمر غطاءًا كيف لم أنتبه لهذه الزوابع…
هل هي أقدار الأنبياء
كم أنت جميل يا الله في امتحان عبادك وكم هم مثيرون للشفقة الذين جرّدوا البلاد من قطنها يا صديقي وأغطيتها ورمونا لبرودة الأرصفة.
كم موجع هو الوطن حين لا يكون في متناول اليد..وهل هناك غربة أفضل..
اسألك يا صديقي أنت الذي كوى الوطن جسدك بالسفود الملتهب هل تُدفئك تلك النّدوب
وأي نضال ذاك الذي يتبوّل السكارى على إسمه…
[ 9 ]
والآن فقط يا صديقي وبعد أن سكتت فيّ التساؤلات وهدأ كل شيء أقول: سأحاول أن أكتب …
((قصيدة محمومة)).
12-3-25 / لبنان طرابلس.
اترك تعليقاً