اسد النمل Anti lion Hormiga Léon الاسم العلمي:Myrmeleon وهي حشرة غريبة توجد في الأراضي الرملية الجافة، وهي حشرة شرسة من أكلات النمل. ولكنها بطيئة الحركة وثقيلة لذالك فهي تستعمل حيلة ماكرة للأمساك بالنمل سريع الحركة الذي لا يمكنها أن تجري خلفه وتطارده، فهي تدفن نفسها في الرمل وتحفر حفرة صغيرة، فإذا مرت نملة سيئة الحظ بالحفرة انزلقت على جوانبها ببطئ حتى تصل إلى القاع حيث ينتظرها أسد النمل.
في قرى النوير التي يغْسَلُ أَفْقُهَا ذَهَبَ الغُروبِ، حَيْثُ تَتَنَاثَرُ بيوتُ الطينِ ، عاشَ مخلوقٌ صغيرٌ يُدْعى “كود كود”، أو “أسد الرمل“. كانَ صغيراً وجِلْدُهُ ناعمٌ كرملِ الصَّباحِ، وعيناهِ وَسِعتانِ كبُحَيْرتَيْ قمرٍ. كانَ الأطفالُ يَلْعَبونَ مَعَهُ خلفَ “القَطَاطِي”، بين التِّلالِ الرَّمليَّةِ التي تَحفَظُ أسرارَ القريةِ. يُعلِّمُهُمْ حُبَّ الأرضِ يَنْبَثِقُ مِنْ تَحْتِ الرمل كنُقوشٌ أو كخُطُوطِ الزَّمَنِ القَديمِ: زَهْرَةٌ هنا، نَجْمَةٌ هُناكَ، وَوِعَاءٌ يَحْمِلُ أَحْلامَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ.

لكنَّ “كود كود” كَانَ كَالطِّفْلِ الحَسَّاسِ الخجول؛ إذْ كُلَّمَا اعْتَراهُ غَضَبٌ أو حُزْنٌ، يَتَوارَى خَلْفَ سُتْرَةِ الرِّمالِ، دَافِنًا نَفْسَهُ حَتَّى تُصْبِحَ رَأْسُهُ الظَّاهِرُ كَسَنَبَلَةٍ نَادِرَةٍ. عِنْدَئِذٍ، يَجْتَمِعُ الصِّغَارُ مُرْتَعِشِينَ خَوْفًا مِنْ فِراقِهِ، وَيُرَتِّلُونَ بِأَصْوَاتٍ كَنَغَمِ الجَدَاوِلِ:
“كُود كُود بِير رار شِي ناث هوز أَكُود بِير رار شِي ناث جِين”
وَالَّتِي تَعْنِي: “يا أسدَ الرِّمالِ الصَّغيرُ، اخرُجْ فَالنَّاسُ قَدْ سَافَرُوا. اخرُجْ فَقَدْ قَامُوا!”
فَيَنْبَثِقُ مِنْ عُمْقِ الرَّمْلِ كَفُقَّاعَةِ هَوَاءٍ، مُتَدَلْوِيًا عَلَى رَاحَاتِ أَيْدِيهِمْ بِعُيُونٍ نَاعِسَةٍ. يَتَحَسَّسُونَهُ بِحَذَرِ مَنْ يَلْمَسُ قَزَحِيَّةَ فَجْرٍ، ثُمَّ يَرُدُّونَهُ إِلَى مَكَانِهِ، بَيْنَما يَمْضِي الكِبَارُ إِلَى حُقُولِ الذُّرَةِ، وَاثِقِينَ أَنَّ “كود كود” سَيَحْرُسُ أَطْفَالَهُمْ كَصَمَامِ أَمَانٍ.
لَمْ يَكُنْ كود كود يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ، بَلْ عَلَى الوَحْدَةِ. فَقَدْ خُلِقَ لِيَسْعَدَ مَنْ يَلْعَبُ مَعَهُ، وَإِذَا رَحَلَ النَّاسُ، تَسَلَّلَ إِلَيْهِ الخَوْفُ كَثُعْبَانٍ، فَيَنْدَفِعُ خَارِجًا كُلَّمَا سَمِعَ ذِكْرَ “السَّفَرِ”. لِأَنَّهُ يَعْلَمُ: مَنْ يَبْقَى بِدُونِ أَصْدِقَاءَ، يَصِيرُ الرَّمْلُ حَوْلَهُ كَصَحْرَاءَ لَا نِهَايَةَ لَهَا.
اترك تعليقاً