قراءة حول (عامة الشعب) مسلسل مرايا سوداء – Black Mirror’ Season 7

·

·

, ,

منذ ظهوره لأول مرة عام 2011، أصبح “بلاك ميرور/Black Mirror” مؤسسة تلفزيونية وواحدًا من العلامات البارزة في عالم الترفيه. تأثير هذه السلسلة الخيالية/الرعب المكونة من حلقات منفصلة هائل، خاصة مع استمرار الواقع في إثبات نبوءات رؤيتها لجحيم تكنولوجي ديستوبي.

تبدأ حلقة “عامة الناس” كوحش صغير غاضب وقبيح، لكنها تُفتتح بنوتة إنسانية. يجسد أو دود وجونز شخصيتي مايك وأماندا ووترز، زوجين أمريكيين من الطبقة العاملة يحاولان اجتياز العام للاستمتاع باحتفالهما السنوي المعتاد في فندق “جونيبر سويس ماونتن لودج”، حيث يستمعان إلى العجائز المحليين وهم يؤدون أغنية “Anyone Who Knows What Love Is” في الكاريوكي. (نعم، الإشارات إلى حلقات أخرى من “بلاك ميرور” تظهر مبكرًا وبكثافة هنا. لاحظ أيضًا أن المعلمة أماندا تشرح لتلاميذها تكنولوجيا “الطائرات الحشرية الذاتية” التي ستدمر كل شيء لاحقًا في حلقة “مكروهة في الأمة” من الموسم الثالث).

حلقة “عامة الناس” ليست فقط تحفة درامية من حيث السرد والبناء، بل صرخة في وجه هذا العصر القاتم من الرأسمالية الرقمية – عصر تتحول فيه الحياة والذاكرة والوعي إلى اشتراكات شهرية يمكن إيقافها مؤقتًا، أو تعطيلها إلى الأبد، إذا لم تدفع.

نلتقي في هذه الحلقة بـ”مايك” (عامل البناء الطيب/المطحون) و”أماندا” (معلمة المدرسة)، زوجين من الطبقة العاملة. لا يملكان شيئًا سوى الحب وبعض الذكريات السنوية في فندق جبلي متواضع، قبل أن يهاجم ورم دماغي فص أماندا ويتركها في غيبوبة. تدخل هنا شركة “رايفرمايند”، بعرض طبي/تجاري: سنبقي وعي زوجتك حياً، لكن بمقابل شهري. العرض “مجاني”…

وهو جزء من الخيارات المُعلَّبة التي تُقدم للإنسان وهو في حالة يأس.

ولكن فقط كما تكون الإبرة مجانية في بداية الإدمان.

في البداية، تبدو الفكرة معجزة. تفيق أماندا، يعود النبض لبيت متعب. لكن مع الوقت، تبدأ الأمور بالتدهور. تتعطل “خوادم الوعي”، ويتطلب كل تحديث اشتراكًا أعلى: من “رايفرمايند+” إلى “رايفرمايند لوكس”، بينما تتوقف النسخ الأرخص عن العمل. أماندا تُفصل من عملها، مايك يعمل في تطبيق “دمدميز” المهين، يقتلع أسنانه مقابل المال، فقط ليبقي اشتراك دماغ زوجته مفعّلاً.

كان عليها أن تشترك كل مرة مثل اشتراك نتفليكس، لكن أسوأ.

المفارقة أن هذا الرعب لا يأتي من خيال علمي، بل من واقع فعلي. لقد أصبح “العقل المُؤمّن عليه” استثمارًا، و”الحياة الجيدة” مرتبطة ببطاقة بنكية. المشهد المزعج حين تتحول أماندا إلى أداة لترويج الإعلانات وسط أصدقائها – دون أن تدري – يُظهر قمة هذا الانهيار الأخلاقي. نحن لا نعيش بعد الآن مع التكنولوجيا؛ نحن نُستعمَر بها.

ككل شئ في عصر الرأسمالية المتأخرة – يقوم على الإشتراك، الحياة أكثر رعباً.!

في البداية، تبدو أماندا بخير: التكنولوجيا ناجحة، ويعيش الزوجان لحظات حب رومانسية وإن كانت منخفضة الجودة. لكن المفاجأة الصادمة – التي لا تفاجئ أحداً – تتحقق عندما تبدأ ريفيرمايند بفعل ما تتقنه شركات التكنولوجيا: فرض رسوم إضافية. هل تريد أن تتذكر أماندا ذكرى زواجكم؟ هذا خاصية “ريفيرمايند بلس”. هل تريدها أن ترمش بشكل طبيعي؟ أنت بحاجة لاشتراك “لوكس/ رفاهية”.

ربما كان أكثر مشهد إنساني في الحلقة هو اللحظة الأخيرة التي تطلب فيها أماندا من مايك أن “يُنهي الأمر عندما لا أكون هنا”. تلك الجملة، وحدها، تمثّل جوهر النضال الطبقي اليوم: الوعي الذي يُسحق بين مطرقة العيش وسندان الربح. تغيب أماندا، يبدأ الإعلان، يضع مايك الوسادة فوق وجهها… ولا نعرف هل يُنقذها أم يُنقذ نفسه.!

يقول ستان لي إن كل قصة مصورة هي الأولى لشخص ما، لكن ما لم يقله هو أن كل حلقة من “بلاك ميرور” قد تكون الأخيرة أيضًا، إذا لم نصغِ لها بما يكفي.

التكنولوجيا ليست “العدو” بطبيعتها، لكنها كذلك حين تنفصل عن البشر وتُعاد برمجتها في صورة أرباح.

لكن حلقة “عامة الشعب” مرعبة في رهانها، وتذكرنا بإحدى أشهر حلقات المسلسل: “سأعود حالاً”. هذه المرة الثانية التي يحذرنا فيها الكاتب تشارلي بروكر من محاولة إحياء الموتى بالتكنولوجيا، لكن وادي السليكون لا يصغي.

وهنا، في عصر تتعطل فيه وعود الاشتراكية وتُبنى فيه المدن الذكية فوق جثث العاملين بالسخرة، علينا أن نسأل أنفسنا: إلى أين نحن ذاهبون؟ من يملك الزر الذي يطفئ الوعي؟ ومن يملك الحق في الاستيقاظ؟

في عالم “رايفرمايند”، لا أحد يستيقظ دون إذن من النظام. وهذا، يا رفاق، ليس خيالاً… إنه تنبؤ محض

المصادر:


Written by: Alec Bojalad

Breaking Down the Ending of ‘Black Mirror’ Season 7, Episode 1: “Common People” : By Courtney YoungPublished: Apr 11, 2025


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *