لقد ورد في ميثولوجيا قبيلة النوير النيلية الجنوبية أن أم النوير الأولى خرجت من النيل أو من النهر.
وتقول الأسطورة إن جد النوير، وهو الأخ غير الشقيق لجد جميع قبائل اللوه، واسمه (أكوا)، قد تزوج من امرأة خرجت من النهر في ذلك الزمان، مما جعل بعض العشائر في القبيلة يتطوطمون الماء (يعتقدون في طوطم الماء).
كما تذكر الميثولوجيا أنه كان هناك نهر يسمى (قُوول)، ولا يزال موجودًا حتى اليوم في منطقة (كووج) التاريخية. وكان هذا النهر ملكًا لرجل من اللوه، وربما سُمي النهر باسمه. وبحكم سلطته الروحية، فقد قام هذا الرجل بوضع لعنة على نهر قُوول، حيث لا تستطيع مواشي الآخرين عبوره إلى الضفة الأخرى إلا بعد طلب الإذن منه. وحتى الناس لم يكونوا يعبرونه في ذلك الوقت، لأنهم كانوا يصابون بلعنة تأخذ شكل مرض جلدي.
ولتفادي هذه اللعنة وفكها، قام رجل من نوير بول، التي تقطن مناطق ميوم الحالية بولاية الوحدة (بنتيو)، بتقديم فتاة لمالك نهر قُوول حتى يتمكن من عبوره. وبعد قبول القربان (الفتاة) وابتلاعها من قِبَل النهر، استطاع هو ومن بعده عامة الناس عبور النهر دون أن تصيبهم اللعنة، واستمر ذلك حتى يومنا هذا.
ونتيجة لهذا، فإن كل اسم مؤنث عند النوير يشير إلى أن عشيرة المسمّى قد خرجت أمهم من النهر أو تم تقديمها للنهر. كما أنهم يسمّون أبناءهم بأسماء لها علاقة بالماء أو النهر حتى الآن.
ويقال إن طقس تقديم القربان للنيل أو النهر أخذه النوير عن اللوه، حيث كان هذا الطقس مرتبطًا باللوه. ويعتقد البعض أن طقس القرابين لم يكن طقسًا ثابتًا للتقرب إلى الله أو الآلهة، بل كان طقسًا تخليصيًا، أي للتخلص من المواليد الذين ولدوا مشوهين أو مصابين بلعنة.
فكانوا يُلقَون في النهر حتى لا يذكرهم أحد بحسرة، إذ يعتقدون أنهم ذهبوا إلى أمهاتهم اللائي خرجن سابقًا من النهر. كما أنهم يؤمنون بأن من يُلقى أو يُغرق في النهر يظل حيًا هناك ولا يموت، لأنهم يخافون قتل النفس بطريقة مباشرة، حيث يعد ذلك محرمًا عندهم ويؤدي إلى الندم الدائم.
وكان النوير يقدّمون الفتيات كأثمن ما لديهم للنهر، أو يقايضون مالك النهر بهن كلما هاجروا إلى الأماكن التي بها الأنهار. وهكذا نشأت أسطورة بنت النيل لديهم. وقد اختفى هذا الطقس الآن.
اترك تعليقاً