يسمى الزواج عند البجا ” دُوبْاتيب ” وجرى العرف أن تزويج الأبناء و البنات يتم فى سن مبكرة ويعتبر الزواج من مهام الآباء ويكون من داخل الأسرة “ابنة العم” والتى إذا تقدم لخطبتها من غير أبناء أعمامها لا يرد له إلا بعد الرجوع لأبناء العم لمعرفة ما إذا كانوا يرغبون بالزواج بها أو منحهم الإذن بتزويجها للغريب حتى ولو كان من أقارب أمها .
يتولى الآباء والأمهات مهام الخطبة والتى يقدم فيها الهدايا فيما يعرف ب ” سِليلَيْت ” أو ” أَمْسَيت ” وتكون بعض الثياب والمال . تعتبر موافقة أم البنت شرط أساسى ، والبنت البكر قد لا يؤخذ برأيها فيمن تقدم لخطبتها بخلاف المرأة المطلقة أو الأرملة والتى يكون لها حق القبول أو الرفض.
فى فترة الخطبة قد لا يرى الرجل خطيبته إلا فى ليلة الدخلة أى بعدالزواج فليس عند البجا أن يختلى الرجل بخطيبته أو أن يزورها فى المواسم مع أنها بعض الخطبة تكون تحت مسؤوليته فعليه كسوتها والمساهمة فى أعباء معيشتها .
تقام مراسم الأفراح في أزمنة إحتفالات دينية مثل المولد النبوى الشريف وعيدى الفطر والأضحى ، ومن قبيل التفاؤل والتشاؤم لا تقام الأفراح فى شهر صفر العربى و الذى يقابله عند البجا شهر ” قاللى” أو ” بِهَيْنَ ” وخاصة الأربعاءالأخيرة من هذا الشهر و التى تعرف ب ” قالليت كَنْديتْ ” و التى لا تقام فيها أى نوع من ولائم المناسبات السعيدة ولا يتم السفر والترحال فيه ولا تترك الأوآنى فى البيت مكشوفة ولاينام فى العراء بالإضافة إلى أنه إذا رزق أحدهم بطفل فى ذلك اليوم يذبح سبعة خراف خلاف العادة فواحدٍ قد يكفى .
وكذلك لا تقام مراسم الأفراح والولائم فى اليوم الذى يوافق السادس عشر من الشهر العربى والذى يعرف ب” تِرْقِيت تَرَبِيت أَسْقُورَ “.
وكذلك لا تقام الأفراح فى حالة وفاة أحد أقارب العروسين وقد يتم تأجيل الأفراح لمدة سنة كاملة .
يبدأ الزواج فى ظهيرة اليوم الأول يبنى منزلا لزوجية مستقبلاً القبلة . تفرش البروش المراد بناء المنزل منها وتذبح فوقها ذبيحة و يفضلونها من الضأن بيضاء اللون ما أمكن ويسمونها ” إِيلَ هُوبْ ” : الحمل الأبيض ، وبعدها ترفع البروش .
” سَنْكوَابْ” ، ومن إسمه يأتى إسم اليوم الأول من احتفالية الزواج فتغنى النساء وتربط بعضهن ، على عودين من السدر أو من النخل ، مجموعتين من السعف بخيوط بيضاء وسوداء مغزولة من الصوف مع بعض الزينة من السكسك والحرير والودع ( الودع يحمل سر الحياة وهكذا إعتقد الفراعنة، ويسمون الواحدة من هاتين الحزمتين ” سنكواب “التى تكون معلقة على العمود القائم وسط الكوخ وفى المدخل .وعند تجهيز البيت تدورالنسوة حوله سبع مرات يغنين وعلى رؤوسهن ثياب العرس أحدها مفرود وفى نهاية الدورةالسابعة تربط إحدى الحزمتين فى المنزل الجديد ، وتأخذ النسوة الحزمة الأخرى لبيت أم العروس ومعهن الثياب حيث يربط فى البيت .
وعندما يكون العريس وأهله قادمون من بعيد تكون مراسم ال ” سنكواب ” على ظهر جمل تحمل عليه أم العريس تبركاً أو إحدى قريبات العريس ، ولا تكون قد طلقت من قبل وتكون قد بكرت بولد ،يركب خلفها فى الجمل ، ويسمونه ” رَدِيفْ “،صبى ويفردان على رأسيهما أحد ثياب العرس وبيد أم العريس ” سنكواب ” ويقود الجمل رجل مسن وحول الجمل النسوة يغنين ” هَيَدَاىْ دُوبَ ” ومعناها العروسين الذين إختارهما أهلهما لبعضهما ، “واللاَّىْ لِهقيِنَا اينْ إدُوبَ اُفْرِاى وَ اومْرَاىْ وَ ” وهى دعوة بأن يهب الله العروسين المال والبنيين ، ذلك حتى منزل أم العروس ،وتدور السيرة حول المنزل سبع دورات ،ويبرك الجمل وتحط الرحال جنوب منزل أم العروس بحيث يكون الباب خلفهم وتنزل أم العريس .و يأتى العريس ويرسم دائرة بسيفه إشارة إلى المنطقة التى سيبنى فيها البيت.وتأتى أم العريس أو تلك المرأة ومعها الصبى فتحفر حفرة الركيزة الأساسية للبيت ” رأدايت ف ” والصبى بجوارها لا يتكلمان حتى تنتهى المرأة من مهمتها و لا تتكلم تلك المرأة بعدها إلاإذا أعطوها شيئاً حلو المذاق كالعجوة مثلاً . ثم يبدأ بناء البيت الجديد بحيث يكون مدخله متجها للقبلة. وعند نهاية بنائه يربط فى مقدمته”السنكواب “.
وبعد الغروب يبدأ توافد الرجال لحضور عقد القران ” أُوسَفْ “بحضور أحد المشايخ والذى يعتقد فيه الصلاح والإلمام بأحكام الشرع فبشهادة الشهود والإشهار دون وثيقة يتم عقد القران وبحضور الأقرباء ووجهاء القوم، عند عقد القران ” أُوسَفْ ” يدفع العريس الصداق الشرعى ” تَمنَيْت” و قد يدخل فى شراكة مع زوجته ” مَتْلَوِيبْ” يدفع قدر صداقها حيث يتم تقدير سعر ناقة فإما أن يدفع ثمنها أو يأتى بناقةو يدخل فى شراكة مع زوجته .
أما المهر العرفي ففيه تأخذ أم العـروس ناقة فيـــــما يعرف ” أُقوِى كام” مقابل تجهيز أم العروس لابنتها بتوفير لوازم بيت الزوجية من شمال ” تغزل من صوف الضأن و”همل” أى” الأكليم ” من خيوط الحرير والثياب البالية القديمة وتكون ذات ألوان براقة وكذلك تقوم بتوفير أدوات و آوانى الطبخ و التى تصنع يدوياً من الخشب والفخار والحجارة . بالإضافة إلى الهودج “أتْفاتْ ” و الذى يزين بريش النعام والحرير والخرز و الودع .
ويأخذ الأب جملاً يعرف ب ” قُرْماى أبكْ كام ” ، كما يدفع العريس جملاً لأخوال العروس فيما يعرف ب” سَالِفياى” وخاصة من يولونها برعايتهم لها ومن ثَمَّ يصبح إلزاما ًلهم للتدخل فى حالة نشوب خلاف بين العروسين ، كذلك يدفع العريس من 6 إلى 12 معزة أو نعجة ” قَوِيت نَأى” ويهب إسمياً سبع من الأغنام للسيف وسبع للدرع وسبع للرمح وفى أثناء عقد القران يكون العريس قد لبس ملابس جديدة بالإضافة إلى شال أحمر [ أُسَبِيبْ] أو [ اُدُوبَ ] وكانوا يلبسون عقد نسائى من الذهب [مِسْكَتْ ] وكما يلبس فى يده اليمنى سوارمن الفضة [ كْوِلِيلْ ]وسوار من السعف فى يده اليسرى كما يلبسه أصدقائه [دُوَباىْ أَرْ] ومن عاداتهم أن يحمل العريس سيفاً وأن يلازمه اثنان من أصدقائه ويفضل أن يكون أحدهمامتزوجاً.
وفى اليوم الثانى يسمونه ” تَمْبِرْ”أو ” تَمَرتْ “تذبح الذبائح و تقدمالقهوة ” ت جبن ” ويدقون على ” كبور ” مصحوباً بأغاني الفروسية، مع سباق الهجن إلى جانب العروض الاحتفالية الأخرى كرقص الرقبة “كْوَيْتْ ” والرقص بالسيف والدرقة “الدرع” ويسمونها” أَدَرَيْتْ” وهى رقصة للفروسية كر وفر، والقفز على إيقاع التصفيق ” بِيبُوبْ” مصحوباً بالربابة وأحياناً تنشد النساء أثناء ذلك. وهنالك رقصة يسمونها ” هُوسيِيتْ ” بالسيف والدرقة ومن معانيها إظهار قوة الرجل .
وفى المساء تغنى النسوة وتدق على ال ” كبور” فى البيت الجديد ويحضرها الزوج ، وبعضهم تزف النسوة العروس إلى زوجها وهو داخل البيت مع أصدقائه وهن يغنين ” آبِيلْآبِيلَيْهُو تُو دُوبَاىْ ” ويعني أيتها العروس تثنى وتلوى عند الدخول على زوجك ، وتصور الكلمات ماتفعله العروس أثناء ذلك ، وبعدها تدخل العروس لزوجها ليلمس جبهتها ويسمون ذلك ” تَرُوتْ تَهْ” أى لمس الجبهة وعند لمسه لجبهتها يقرأ بعض الآيات أو يدعو ببعض الدعوات ، ومن ثم تعاد الزوجة لمنزل أمها.
وفى اليوم الثالث تذبح الذبائح وتستمر الاحتفالات وتسمى ” قِِرْمَاىْ نِقُولْ ” أى كشف رأس العريس، وأحياناً يكون فى اليوم الخامس . ويدخل العريس البيت الجديد حيث يخلع أصدقائه المنديل الأحمر من على رأسه وينزع السوار و العقد ويوضع الشحم على رأسه ويتمسح الحضور بال” ودك ” وهو عبارة عن شحم مغلى يترك ليبرد حتى يتجمد، و” ضريرة ” وهى تركيب مسحوق من جزوع الشاف والصندل ، وضريرة النساء يضاف إليها محلب ومسك وجوزه وضفره ، وبعض الروائح مخلوطة بالصندل و” فُرُشْ “وهو نوع من الأعشاب العطرة وحلبة محمصة . وبعد فترة ينزع الشحم من على رأس العريس. وفى المساء يجلس العريس وبعض أصدقائه داخل البيت الجديد وتأتى بعض النسوة ومعهن العروس ، بحيث يكون مربوطاً حول خصرها خيط رفيع وضعيف مفتول من صوف الغنم تمسك بطرفه إحدى النسوة .
تجلس النسوة عند مدخل البيت والزوج وأصدقائه فى الداخل ، ويبدأ حوار تلك المرأة كقائد لمجموعة العروس وتكون ذات خبرة فى هذا النوع من الحوار ، ويحاورها أحد أصدقاء العريس ويكون أيضاً خبيراً . ويدور الحوار مابين المجموعتين فى طابع هزلى تحاول كل مجموعة التعرف على المجموعة الأخرى من خلال الخصائص الواردة فى الحوار ، ويحرص كل طرف ألا يعرفه الطرف الآخر حتى ولو أضطر لأن يغير صوته ، ويحاول الطرف من الزوج استمالة النسوة ليقتربن إلى مجموعتهم ، وقليلا قليلا تقترب النسوة،وأخيراً تطلب المحاورة من جانب العروس أن يتقدم العريس مجموعته قليلاً ، وتسلمه طرف الخيط المربوط فى خاصرة العروس، ورويداً رويداً يحاول العريس أن يسحب كل ذلك الخيط ولحرص النسوة على أن لا يناله العريس غالباً ما يفشل العريس فى مهمته وتكسب النسوة الجولة ، وحينها يلزم العريس بذبح ذبيحة فى اليوم التالى ، وهو يوم لا ذبيحة فيه بحكم هذه الليلة هى الأخيرة .
وفى مساء اليوم الرابع يزيلوا البيت ، بيت الزوجية ، ويعيدون بنائه فى شكله النهائى ، بحيث يكون مدخله متجها إلى الجنوب ويجلس العريس داخل البيت لوحده وتأتى اثنتان من النسوة تتوسطهن العروس يتحاورون فترة مع العريس حواراً عاديا وتضع النسوة يد العروس فى يد العريس ويخرجن .
وعند بعضهم يضعون سيفاً سحب قليلاً من غمده عند النوم ، ولا يعاشر العريس عروسه تلك الليلة ، ومنذ تلك الليلة تأتى العروس إلى زوجها بعد صلاة العشاء وتخرج من عنده عقب صلاة الصبح وترجع تلك العادة إلى وقت أن كانت ” البجا “تعبد إله الشمس ( أله الحرب ) و القمر أله الخير و التناسل وعلى ذلك المنوال فترة تصل إلى شهر والتى يتشائموا بخروج العريس بكثرة من بيته فى تلك الفترة خوفاً من أن تسبب له من الهموم والمهام تطلب خروجه من البيت طوال حياته المتبقية وأيضاً يكره المشى حافياً للعريس حديثاً الذى قد يسبب الجفاف للمنطقة وهذه الفترة عند البعض الآخر قد تمتد إلى أن تضع الزوجة مولودها الأول.
اترك تعليقاً