قبلَ إستقلالِ السودانِ بعامين ، وُلِدَ طفلٌ جميلٌ في مدينةِ الأُبيّض. والِدتُه قالتْ أنّه كان يصفّقُ بإصبعيه بينما كانَ أبوهُ يؤذّنُ في أُذنِه. حياتُه في مجملِها كانت برقاًخاطِفاً يسبِقُ سلسلةً من الرعدِ الذي يهدرُ بإيقاعٍ واحد. في هذا اليوم ، ٤ يوليو من عامِ الإنقاذ ، توقّفَ قلبُ الرجلِ الذي رقصَ الشعرَ وغنّى الدراما ومثّلَ العاصفة ، مات عبد العزيز العميري.
الأطبّاءُ قالوا : توقّفَ قلبُه منذُ خمسةِ أيّام، بسببِ خللِ كبيرٍ في الإيقاع.!
الكاتب: حسام الكتيابي
قيل في الأثر : ” أكثر ما أهلّك المحبيين، إنفجار أكبادهم، إذ يعرف أحدهم ما يحمل- كالحوت يحمل يونس، فلا يلفظه ليحيا و لا يلفظه كي يموت” .
فما إحتملت جسومهم هذا فكأنهم ولدوا بأعضاء ناسفة، وكأن القرحة التي تفجرت في العام ١٩٨٩م، كانت أغنية لم يحتملها العميري- فما لفظها كي يستريح.
قبل ذلك بأسبوع كان العميري يتجول في الإذاعة، مفتقداً شيئاً ما، بدا له محاصراً بأهازيج إنقلاب عسكري، وعندما لم يستطيع الإقتراب من المايكرفون، إنفجرت أغنيته الأبدية- وهي الموت.
الكاتب: أيمن هاشم
عبد العزيز العميري الطائر الذي يساوره القلق
صاحب الروح الساخرة المتأملة , شاعر المرافئ البعيدة في أبو روف شاعر الممشى العريض مصلوب على ضهر البداية, سرق بالريف قلب سعاد من البندر , الكاتب المسرحي الدرامي , والممثل والمخرج , الظاهرة ..
لم تحتمل روحه ما أفصحت عنه عصبة الإنقاذ في يوليو المشؤوم وما كان مخفيًا في ظهر الغيب لكنها بصيرة الأنبياء
كان على ربك حتمًا مقضيا , ليصعد سريعًا سريعًا ..
مثله يموتون بالفعل لأنهم لايحتملون رؤية الموت لأحلامهم
يموتون قبل أن يشهدون موت الإذاعة وإنتهاك المسارح
قبل أن تصير المنابر أوكاراً للجبهجية وفلول العهر,
لو اعيش زول ليهو قيمة أسعد الناس بي وجودي لم تكن مجرد أغنية غناها العميري فقط بل كانت تعريف لروحه المهذبة المرحة التي يقلقها غياب الضحكة والإبتسامة , كانت سيرة حياته الدنيا زول ليه قيمة تمامًا وأسعد الكل في الزمن الضائع من عمر الأجيال, كل يوم يخضرَّ عوده العميري روح الله الفنانة الصوت الرحمن الرحيم , كان فيلسوفًا ساخراً حتى في مغادرته بروح طائر دومًا يساورها القلق على الشعر والرقص والأغنيات , روح حرة مقاومة عصية على القهر والإستباح..
الكاتب: أحمد الرمادي
اترك تعليقاً