تأسيس مدينة جوبا – المدينة في جنوب السودان

مقدمة

سمات مدن الزرائب و الديوم و المراكز

إنّ نشوء المراكز الحضرية والمدن الصغيرة خلال فترة الحكم التركي المصري قد إرتبط بالعوامل الإقتصادية كمظهر إقطاعي متطور، حيث نشأت كمراكز تجارية إحتكرها تجار الخرطوم من الأجانب والجلابة ومعاونيهم من المجتمعات المحلية، فقد كان الحكم التركي المصري يهدف لإستغلال موارد البلاد الطبيعية والبشرية الرخيصة، وكان يهدف إلى تطوير تلك السياسة من خلال الإهتمام بحركة لتجارة و التأثير على القطاعات الأخرى للحصول على أقصى ربح بأقل تكلفة، فنشأت الزرائب كمدن تجارية لتجميع الأرقاء و البضائع الأخرى مثل ريش النعام والعاج ومن ثم نقلها عبر الموانئ البحرية التي قاموا بتأسيسها كمدن ومراكز تجارية “مشرع الريك، مشرع الشول، مشرع شامبي..إلخ” على النيل الأبيض، ونشأت مدن أخرى في طريق القوافل التجارية المتجهة إلى كردفان ودارفور وفدت اليها مجموعة من القبائل السودانية مثل الجلابة والبحارة من الدناقلة والشايقية والمصررين والتجار الأجانب.

 عليه فإنّ المرحلة الأولى من نشة وقيام مدن الزرائب و الديوم في جنوب السودان قد إرتبطت بالأهداف التجارية والسياسية للحكم التركى المصري، فلم تكن هناك مدن قائمة يمكن أن نطلق عليها مدنا وطنية، وإنّما كانت هناك قرى صغيرة كانت تتمتع بخصوصيتها وإستقلالها تحديدا في ممالك الشلك والزاندي والأنيواك، فالمجتمعات المحلية لم تتبلور في تلك الفكرة ككيانات سياسية ولم تكن تربط بينها غير علاقات المصالح و التحالفات التي نشأت بينها لمقاومة غزوات الاجانب من الصيادين والتجار، وقد تمثلت الفترة التي بدأ معها الإقتصاد المصري يتحول على عهد الخديوي اسماعيل من النمط الإقطاعي إلى إقتصاد يمر بمرحلة التحول الراسمالي، حيث إقتضى ذلك التحول تحرير الأيدي العاملة من عبودية السخرة والرق، وقد نتج عن ذلك حركة عنيفة قادها اسماعيل ضد تجار الرقيق(القدال، 2018م:60)، وهي الفترة التي شهدت إنشاء محطات عسكرية تابعة للحكومة في مديرتي خط الإستواء وبحر الغزال المصريتين، وقد كانت تلك هي الفترة الأولى التي يتم فيها توحيد الجنوب تحت مظلة سلطة حكومية مركزية حيث تم إنشاء عدد من الحاميات كانت أغلبها عبارة عن زرائب ومستوطنات تابعة لتجار الرقيق، كما تم تحويل كافة الجنود من البازنقر والخطرية إلى خدمة الحكومة المصرية والاستعانة بهم في تحقيق الأهداف الجديدة لضم مديريات جنوب السودان، وقد تمخضت تلك الفترة عن إقامة حاميات عسكرية كأنّها جزر معزولة في ذلك المحيط القبلي الافريقي، وتركزت الحاميات في المدن الأساسية بعد سحب الحاميات من الأطراف، ولم تستطيع تلك المدن والمراكز أن تحقق تطوراً كبيراً خلال تلك الفترة بسبب صعوبة تكييف النظام الإداري العثماني مع الواقع الأفريقي المصطرع، الذي كان يمر بمرحلة الرعي و التنقل، وقد إضطرت الحكومة للإستعانة بالجلابة أنفسهم لصعوبة إستخدام الموظفين الأتراك والمصريين في تلك الظروف الشاقة.

       إنّ إرتباط نشأة وتطور المدينة في جنوب السودان خلال تلك الحقبة بالسلطة المركزية والطابع العسكري، أضفى عليها طابعا سلطويا “.

فهي مدينة نشأت تحف بها هالة السلطة وتبدو قسماتها بينة عليها وفوق ذلك فهي سلطة أجنبية فتعمقت غربتها في المحيط القبلي الرعوي الذي نهضت فيه، ووسمتها الحاميات العسكرية بالجبروت مما أضفى علي غربتها بعدا جديدا ،فغدت تلك المدن مراكز حكم لايصلها بمحيطها إلا السلطة المركزية العسكرية، وليس لها قنوات إتصال بالمجتمع الذي كانت أسبابه تتصل بالقبيلة”. (القدال، 1992م:98)

نشأة وتطور المدن “الإقليمية”:

نشأت وتأسيس مدينة جوبا

مرت مدينة جوبا، عاصمة المديرية والإقليم الإستوائي سابقاً، وعاصمة دولة جنوب السودان الحالية، بعدة مراحل عبر الحقب و الفترات التاريخ ية المختلفة، فقد تطورت من قرية صغيرة مغمورة وغير مشهورة على الضفة الغربية لبحر الجبل، إلى مدينة كبيرة شاعت سمعتها في الآفاق، إذ أصبحت العاصمة السياسية الثانية في السودان و المدينة الأولى في الجنوب التي تتجه اليها الأنظار من كل حدب وصوب. (شول، 2005م:53)

  وبحسب بول دينق شول فقد تضاربت الروايات الشفهية عن أصل كلمة جوبا، فمن بعض تلك الروايات حسب بول دينق شول ما يفيد أنّ:

كلمة جوبا في الأصل اسم محلي يطلق على المولود البكر لدى قبيلة الباري، أما المكان الذي عرف بهذا الاسم “جوبا”.

قصة الطبيب جوبيك – مروية قبيلة الباري

فإنّ روايات قبيلة الباري الشفهية تشير إلّا أنّه مسمى لطبيب شعبي مشهور يدعى (جوبيك) من أحد عشائر الباري تسمى “نيوري” قدم إلى منطقة “تيندو” أو جوبا ناباري أي جوبا الحالية ومن مناطق الباري الشمالية وبالتحديد منطقة “نياركينجي” وهو ما يعرف اليوم باسم جبل لادو فيما بين 1880م-1920م، وقد رحبت به عشيرة “لومبيري” وهي إحدى عشائر الباري أيضاً وأفسحت له بينها، ولمع نجمه بعد سنوات قليلة وذاع صيته وبلغت شهرته الاسماع، لما كان يقوم به من طقوس تقليدية قيمة أفاد بها من كان في محيطه و بيئته الجديدة وما دونها من المناطق البعيدة(شول، 2005م:53)، ونظراً لعوامل الأمن والرفاه التي عمت المنطقة في كنفه، إذ قاوم الأمراض والإعتداءات الخارجية، أخلص أهل “تيندو” له النية فاعتبروه مخلصهم، بل جعلوه طرفا مهما في حياتهم وإمعاناً في الرضا عنه أطلقوا اسمه على منطقتهم فصارت تعرف باسم “جوبيك”.

 حدثت تغييرات في الاسم فهناك روايات تعزيه إلى أسباب جغرافية وتأثيرات خارجية، حيث تشير الروايات إلى أنّه أهل القسم الشمالي من الباري، يحذفون الكاف من نطقهم في أواخر الكلمة أحيانا كما في نحو “جوبي” في جوبيك، بينما تثبت في نطق أهل القسم الجنوبي الذي يبقي على الكاف في آخر الكلمة، أما التأثير الخارجي فيتمثل فيما نتج عن الغزو الأجنبي الأوربي الذي أخضع المنطقة الإستوآئية لسلطانه في أواخر القرن التايع عشر حاملا معه عاداته اللغوية فصارت الكلمة جوبا بدلاً عن جوبيك1924م.

 فكرت سلطات مدينة منقلا منذ العام 1924م في نقل رئاسة مركز الرجاف الإداري إلى مكان أفضل من ذلك الموقع نسبة لتعثر حركة المواصلات النهرية بين منطقة الرجاف وجوبا بسبب الجنادل والمسارع الصخرية على النهر في قرية “كوندرا”، وبعد أكثر من ثلاث سنوات من البحث الدقيق نقلت رئاسة مركز الرجاف عام 1929م إلى جوبا التي كانت يومذاك قرية صغيرة على الضفة الغربية لبحر الجبل، ويعود ذلك لمزاياه العديدة فهي تقع في مكان مرتفع يقيها من خطر الفيضانات، كما أن المجرى النيلي شمالها يخلو من الجنادل الضغيرة مما يجعلها صالحة لرسو البواخر النيلية ، ولا يستبعد أن تكون موجة الإهتزازات الأرضية التي تنبعث من جبل “لوقويك – الرجاف” من حين لآخر هي واحدة من الأسباب التي دفعت السلطات دفعا إلى نقل رئاسة المركز إلى منطقة جوبا.(شول، 2005م:55)

  يقول بريندان توتلي في وصف نشأة مدينة جوبا الحالية:

“تم إنشاء جوبا على سلسلة من التلال الصخرية الممتدة شرقاً من جبل كوروك (المعروف شعبياً بجبل كوجور) إلى منعطف بحر الجبل الذي كان عميقاً بما يكفي لحركة مرور السفن البخارية. مثلما أنّ مدينة جوبا لم تكن زريبة سابقة تم تحويلها لتصبح محطة عسكرية او مركز إداري كما هو الحال مع بقية مدن جنوب السودان الأخرى، وقد تم اختيارها كمقر إداري جديد في العام 1927م من قبل آرثر والاس سكرين، حاكم مقاطعة منقلا  والذي كان “يعاني باستمرار من الملاريا” بعد أن أثبتت كلا من كوندوكورو ومنقلا أنّها مواقع “غير صحية” في تقديره.و خلال زيارة له لمحطة جمعية التبشير الكنسية، التي أنشأها أرشيبالد شو بالقرب من إحدى قرى باري الصغيرة، رأى سكرين أن التلال الممتدة إلى النهر ستكون موقعًا صحيًا لمقر إقليمي. وبدأ البناء في عام 1928م بمكتب البواخر إلى جانب تشييد طريق بطول 22 ميلاً يربط المحطة الجديدة بطريق الرجاف-أبا. وكذلك تم الفراغ من أعمال  بناء فندق جوبا في العام التالي 1929م، وتم بناء المباني الحكومية ومنازل المسؤولين على طول التلال المطلة على الأراضي المنخفضة في المستنقعات الواقعة شمالاً. من هذه القمة، حيث يوجد شارع الوزارات الحالي، وذلك حتى يتسنى للمسؤولين البريطانيين مراقبة “بوروسوكي”، منطقة إقامة السكان المحليين الذين تم الإستعانة بهم لبناء المدينة.  (Tuttle, 2022:1)

  بحلول عام 1934م ‘إستقر حوالي ألف شخص في “بوروسوكي”، وبسبب إنتشار الحمى الصفراء تم نقل السكان فجأة إلى “بوروكورونجو” والتي هي منطقة الملكية الحالية وتم هدم “بوروسوكي”، وتم تحديد منطقة سكن الأهالي الجديدة في المنطقة الصخرية المرتفعة من ضفة “خور بو” الذي يفصلها عن المستشفى من جهة الشمال، وتركت متنزها صغيرا ليلعب فيه الاطفال، وتنتهي منطقة سكن الأهالى في “خور لوبيت”، وقد كانت تضم مدرسة الملكية الإبتدائية وسبعة مجمعات سكنية تم تقسيم كل منها إلى عشرة قطع مفصولة عن بعضها بأشجار الخروع.

في العام 1930م نقلت أيضاً رئاسة مديرية منقلا إلى داخل جوبا بسبب الفيضانات التي كانت تغمر منطقة منقلا من وقت لآخر وذلك بسبب إنخفاض مستوى الأرض فيها، ونمت جوبا كمدينة إستعمارية صغيرة بلغ عدد سكأنّها حتى منتصف الثلاثينيات حوإلى 1200 نسمة، وكانت توجد بها إمتدادات قصيرة من الطرق، كما كانت بها عدد من المتاجر المملوكة للهنود واليونانيين وصف من الورش الصغيرة والمستودعات والعديد من الأكواخ الصغيرة، بالإضافة إلى فندق جوبا الذي يبعد مسافة حوالي كيلومتر واحد  في الناحية الغربية للمدينة.

“The White Nile ferry coming into Juba,” c. 1940.

 كانت مدينة جوبا الحديثة آنذاك صغيرة الحجم، تم تحديد مركزها بنصب تذكاري من الحجر تم تزيينه بالواح صغيرة نقشت عليها اسماء مبشرين ومرتزقة وضباط وإداريين كانوا يعملون مع النظام العثماني أبرزهم: لويس ساباتير، فرديناند فيرن، إغناتيوس كنوبلشر، صموئيل بيكر، تشارلز جوردون، أمين باشا، رومولو جيسي، وتشارلز تشايلي لونج، وكانت توجد في الجهة الشرقية مكاتب ومساكن مديري المدينة “ضابط المنطقة، الطبيب، الممرضة، ضابط الصحة ومسئول الأشغال العامة والمسئول الزراعي”.

وخلال الفترة الممتدة من ثلاثينيات إلى أربعينيات القرن الماضي نشأت في منطقة سكن الأهالي بمدينة جوبا التي أصبحت عاصمة المديرية الإستوائية في 1945م، مجموعة من الأحياء السكنية مثل ” حي كوستي، حي ملكال، نمرة تلاتة، حي جلابة، وتلك مناطق مفصولة من موقع سكن الأجانب من موظفي الحكومة والتجار في حي المديرية.

 هذا ويعتبر حي الملكية من أقدم المناطق السكنية بمدينة جوبا التي تأسست في عهد الإدارة الأنجلو مصرية في العام 1930م، وكانت تضم منازل المواطنين الذين تمت الإستعانة بهم في بناء المدينة الحديثة، وقد كان هؤلاء العمال يقيمون قبلا في منطقة تدعى “بورسيكي” في الموقع الذي أقيم به مطار الذي بدأ تشييده في العام 1925م، وبعد إكتمال بناء المطار  في 1934م تم تحويل المواطنين وإعادة توطينهم في مركز الملكية (Tuttle، 2022م)، وكان السكان الأوائل لحي الملكية ينحدرون من مناطق عديدة من شمال وجنوب السودان، فقد كانت تمثل مركزا حضريا متنوع من حيث الثقافة واللغة والمعتقدات، ويرتبط اسم الملكية بعدة أحياء ومناطق حملت ذات التسمية في السودان وشرق إفريقيا، والتي يعود إنشائها للجنود المتقاعدين من الخدمة العسكرية في الجيش التركي المصري خلال فترة القرن التاسع عشر، وكانت السلطات الإستعمارية تطلق علي الملكية اسم “منطقة سكن الأهالي” أيضاً، في مقابل المدينة القديمة التي تحمل اسم “جوبا” الواقعة شمالي “خور بو” حيث يقيم الموظفين الإنجليز والتجار الأجانب.

وفي بداية الخمسينيات توسعت منطقة الملكية، فتم إعادة توطين جزء من سكأنّها في المناطق المقابلة لها وذلك في إطار الخطط الهادفة لتخطيط وتنظيم المدينة وفتح الطرق الجديدة، وقد تم تعويض المتضررين من التخطيط في مناطق سكنية جديدة، وكانت تلك بداية تأسيس حي كوستي وحي ملكال نمرة تلاتة، كلي بالك،وأطلع برة في الخمسينيات، وفي الستينيات تم تأسيس أحياء كتور وأطلع برة من قبل الأشخاص الذين لم يتمكنوا من استيفاء معايير وشروط التخطيط الجديدة في حي الملكية.

       ومن الملاحظات المهمة التي وضعها شويشيرو ناكاو، في دراسته التاريخية عن حي الملكية بجوبا، هي أن هناك اختلافات كبيرة بينها وبين المناطق الأخرى التي حملت ذات الاسم في شمال السودان و شرق إفريقيا، وفي بقية مدن جنوب السودان الأخرى، فالمجموعات المستقرة في منطقة الملكية السكنية بجوبا ترتبط بصلات وجذور معروفة مع مجتمعاتها المحلية، في وقت تتميز فيه عنها باكتسابها للسمات الحضرية التي نتجت عن تفاعلاتها المبكرة مع الإدارة التركية المصرية في منقلا وصولا لعهد الحكم الإنجليزي..

فأصبحت تشكل خليطا سكانيا يضم إلى جانب الجنوبيين مجموعات أخرى من السودان وشرق إفريقيا تشكل موزاييك ثقافي واجتماعي. (Shuchiro,2013:146)

Juba Hotel, 1936

هذا ويعتبر حي “الجلابة” من أقدم وأعرق أحياء مدينة جوبا، فقد بدأ منه تأسيس المدينة الحديثة في عشرينيات القرن المنصرم، حيث تم بناؤه من قبل التجار الأجانب بالتعاون مع السلطات الأنجلو مصرية، حيث استقروا في المنطقة التي اتخذت اسمها من اللقب الذي يطلق على التجار الشماليين في أغلب مناطق جنوب السودان، وكانت تسكن في الحي أيضاً مجموعات كبيرة من اللبنانيين والسوريين واليونانيين والقبارصة.

 وقد كان المسئولين البريطانيين يشيرون إلى حي الجلابة باسم “الحي اليوناني”، بسبب المباني ذات السمات المعمارية اليونانية والحياة الإجتماعية التي كان يهيمن عليها اليونانيون، الذين شكلوا مجتمعا تجاريا نشطا للغاية خلال الحقبة الإستعمارية، وقدر عددهم في عام 1924م بحوالي 4000 شخص في جنوب السودان بأكمله، وقد زود التجار الأغاريق المدينة الوليدة بالسلع الحديثة وقاموا ببناء الأندية والحانات والمطاعم والكاتدرائية اليونانية.

  وفي العام 1945م قدم جوزيف لاقو، وصفاً لمدينة جوبا التي وصلها لأول مرة قادما من نمولي بالقول :

وفي الساعة الرابعة بعد الظهر دخلنا منطقة عالية مكنتنا من رؤية مدينة جوبا عاصمة الإستوائية رغم بعدها،وكانت تبدو لنا كمنطقة مكتظة بالمباني، لم نشاهد مثلها قط، وفي المقدمة بدأت الملكية “منطقة سكن الأهالي” بامتدادها المثير، صفوف متراصة من القطاطي تتخللها شوارع ضيقة. وفي اليمين هناك مباني كبيرة وسط غابات من الأشجار نراها لأول مرة. وهكذا دخلنا مدينة جوبا في الضفة الأخرى وحدقنا باندهاش في المباني المتراصة على جانبي الطريق“(لاقو، 2005م:41).

   ويقدم عبد الله السريع وصفا لسوق الملكية في جوبا في العام 1974م وهي الفترة التي أعقبت توقيع إتفاقية أديس أبابا للسلام:” وفي اليوم التالي خرجت إلى سوق الخضار الذي يعرف بسوق “الملكية” وهناك وجدت سوقا مزدحما بالناس ومحال بقالة كثيرة، وآخرين يفترشون الأرض، وأكثرهم سيدات بصدورهن العارية،وهن يرتدين نصف الملابس  ومنهن من تحمل(قفة) تبيع ما معها من خضار.. والخضر متوفرة من كل الأنواع وهي تباع بـ(الكوم) وليس بالميزان، وتباع البامية بالعدد، وإلى جانب سوق الخضار يوجد سوق الجزارين وتجار السمك”.

 ويمضي السِرَيع في تقديم وصف عابر لجوبا المدينة التي يصلها للمرة الأولى قادما من الكويت في كتابه سنوات في جنوب السودان بقوله:” أثناء عودتنا إلى المنزل تأملت مدينة جوبا أكثر، فوجدتها مدينة صغيرة، يبدو عليها القدم، وهي تقع في أحضان الطبيعة، تحيط بها جبال متباعدة، وسفوح خضرآء  وشوارعها غير مرصوفة، وتكثر بها الأشجار المتعددة .. ورأيت العشش(القطاطي) تبنى من أغصان الشجر والطين المخلوط بالقش، وتقف أعواد السافنا الغابي التي ترص يشكل مائل، كي تمنع تسرب المطر إلى الداخل،وتكثر أكوام الزبالة بينها مما يؤدي إلى تكاثر الأمراض بين السكان، كما أنّي لم أر مرافق صحية في الأحياء” (السريع، 2008م:61).

المراجع والمصادر:

Johnson, D. (2008). Recruitment and entrapment in private slaves’ armies: The structure of the zaraib in the southern Sudan. Journal of slave and post slave studies, 162-173.

Johnson, D. H. (2000). Conquest and colonizers: soldier settlers in the Sudan and Uganda. Sudan notes and Records, NS 4, 59-79.

Johnson, D. H. (2015). SOUTH SUDAN PAST NOTES& RECORDS. Wanneroo: Africa World Books Pty Ltd.

Mosel, E. M. (2011). City limits: urbanization and vulnerability in Sudan, Juba case study. London: Humanitarian Policy Group.

Nyaba, P. A. (2021). Up from The Village an Autobiography. Juba: Willows house printing and publishing.

Santandrea, s. (1977). A popular History of wau (Bahr el Ghazal) From its foundation to about 1940. Rome: Manuscript.

Shuchiro, N. (2013). A history from above, Malakia in Juba, South Sudan c,1927-1954. The Journal of Sophia Ashian Studies No31.

Tuttle, B. (2022). To the juba wharf. Juba: juba in the making.

USAID. (2007). JUBA, WAU AND MALAKAL COOMUNITY PLANNING FOR RESETTELMENT. USAID.

أحمد، سيد أحمد. (د.ت). تاريخ مدينة الخرطوم تحت الحكم المصري (182م-1885م). القاهرة.

إدريس، بشرى، أحمد: (2020م). الري المصري بملكال، شاهد صامت. ناس ملكال، مدونة.

إدريس، بشرى. أحمد. (2014م). حي الملكية النشأة والتأسيس، مدونة ناس ملكال

اسماعيل، أحمد، علي: (1988م). دراسات في جغرافية المدن. القاهرة: دار الثقافة للنشر والتوزيع.

أشويل، سلفاتور، أتير: (2018م). تاريخ مملكة الشلك، دراسة تاريخية للنظم الإقتصادية والإجتماعية في الفترة من 1956م-1821م. شندي: رسالة ماجستير غير منشور.

الحسيني، السيد: (1981م). المدينة دراسة في علم الإجتماع الحضري. القاهرة: دار المعارف.

محي الدين، البشير، أحمد: (2020م). تاريخ أقاليم جنوب السودان 1900م-1820م. جوبا: رفيقي للطباعة والنشر.

الزين، قيصر، موسى،(د.ت)، الحركة التاريخية: المدينة والدين في افريقيا والشرق الأوسط حالة الخرطوم الكبرى(1945م-1990م)، مع مقارنات دراسة في تحليل الواقع الحضري المعاصر. الخرطوم: هيئة الاعمال الفكرية.

السريع، عبد الله،(2008م). سنوات في جنوب السودان. الكويت.

القدال، محمد، سعيدL1992م)، الإنتمآء والإغتراب، دراسات ومقالات في تاريخ السودان الحديث. بيروت: دار الجيل.

القدال، محمد، سعيدL2018م)، تاريخ السودان الحديث 1955م-1820م، الخرطوم، مطبعة جامعة الخرطوم.

المالكي، عبد الرحمنL2015م)، الثقافة والمجال، دراسة في سيسيولوجيا التحضر والهجرة في المغرب. فاس: جامعة سيدي محمد بن عبد الله.

أوو، رمضانL2021م)، ملكال(مال باكال) الأصالة والتاريخ، مقال منشور في الفيس بوك.

بيساما، إستانسلاوس مذكرات غير منشورة(د.ت)، واو.

دينق، جيمس، ألالاL2005م)، التراث الشعبي لقبيلة الشلك. الخرطوم، مطبعة جامعة الخرطوم.

سايمون أتيمL2020م)، زريبة ديم زبير.. من عمق تاريخ العبودية المهمل إلى قآئمة التراث العالمي. الدوحة: موقع الترا سودان.

سكينجة، أحمد. العوضL1994م)، ميراث العبودية، تجارة الرق في غرب بحر الغزال. كتابات سودانية.

سمية، هادفيL2014م). سيسيولوجيا المدينة وأنماط التنظيم الحضري. مجلة العلوم الإجتماعية والإنسانية.

شول، بول، دينقL2005م). لهجة جوبا العربية. الخرطوم: الدار السودانية للكتب.

طوسون، عمرL1937م)، تاريخ مديرية خط الاستوآء من فتحها حتى ضياعها من سنة 1869م-1889م، ج1. الإسكندرية، مطبعة العدل.

على، حسين، اسماعيل،(د.ت). المؤشرات الحضرية لمدينة كلارا، دراسة في علم الإجتماع الحضري. مجلة كلية الآداب.

أبو قرجة، مكيL2000م). صولة بني عثمان في ملاحم الثورة المهدية. مطبعة ضفاف.

لاقو، جوزيفL2005م)، مذكرات الفريق جوزيف لاقو، أمدرمان، مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية.

ناصف، سعيد.(2009م). علم الإجتماع الحضري، المفاهيم، القضايا، المشكلات. القاهرة.

يوه، جون، قاي.(2009). جنوب السودان آفاق وتحديات. الخرطوم: دار عزة للنشر.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *