بَنَات نَعْش الكبرى
كوكبة الدب الأكبر أو بَنَات نَعْش الكبرى (Ursa Major) من أكثر النجوم شهرة وكان العرب يسمونها “بنات نعش الكبرى” تمييزا لها عن بنات نعش الصغرى وهي كوكبة الدب الأصغر.
وتسمى النجوم الأربعة التي على شكل رباعي أضلاع “النعش” والثلاثة التي على الذيل “البنات”، أما النجم الذي على طرف الذيل فيسمى القائد؛ بينما النجمان اللذان هما على المضلع فيسميان “الدليلين” وهما “الدبة” و”مَراق”، وذلك للاستعانة بهم في معرفة النجم القطبي وبالتالي اتجاه الشمال الجغرافي. تعد كوكبة الدب الأكبر من الكوكبات الأبدية الظهور حسب ما سماها العرب القدماء.

البنات يطاردن نعش والدهن
وعلى خلاف الشعوب القديمة من فرس وإغريق ورومان ومصريين، التي تمثّل مجموعة كواكب الدبّ الأكبر، وتصوّرها في هيئة ثور يحرث الأرض ويجرّه تمساح كبير، أو عربة صغيرة يدفعها رجلان، أو دبّ موثق، مقيّد بالسلاسل والأصفاد، فإن أهل السودان رأوا في مجموعة الدبّ الأكبر عنقريباً يحمل نعش شيخ، تشيّعه بناته الثلاث، الفتاة، أي العذراء، تتبعها الحامل، ثمّ العزباء، التي تقود طفلتها، ويسعين جميعاً في أثر الجدي المكتّف ويلهثن خلفه، أبد الدهر، ليأخذن بثأر أبيهنّ المسجّى على العنقريب ، ويقال أنهن إذا أدركن نعش والدهن فإن القيامة ستقوم.

من سوقطرة إلى السودان – التاريخ المتنقل
جنوباً في الجزيرة العربية نجد أن أهل سوقطرة، وهي جزيرة على بحر العرب ، جنوب اليمن ، يسمون احد الانجم باسم العنقريب ، وهو نجم الدب الأكبر ، وذلك يطابق تسمية السودانيين في إرثهم المُضاع بنات نعش، وان النعش هو العنقريب ، ويوجد العنقريب في المحكيات الهندية بنفس صفاته السودانية الحالية ، وموجود في منطقة تهامة اليمنية وهذا يزيد القرائن حول فرضية التاريخ المتنقل.
المغرفة في شمال الصين وجنوب أمريكا
في حين ولاحظ القدماء الصينيون أن النجوم السبعة المضيئة في السماء تصبح عند إيصال نقاطها ببعضها البعض أشبه بملعقة صينية كبيرة. وكلمة ملعقة في اللغة الصينية القديمة تسمي “دو”، وكلمة “بي” معناها شمال، لذلك قد أطلق على هذه النجوم السبعة أسم “نجوم بيدو” أي نجوم ملعقة الشمال، ألا وهي “بنات نعش السبعة الكبرى”.
وفي جنوب الولايات المتحدة أطلق على كوكبة المغرفة الكبيرة اسم قربة الشرب وذلك منذ أكثر من مائة عام حيث كان الناس يستخدمون القرع الجوف كمغارف للماء .
ثأر البنات عند قدماء العرب
وبنات نعش الكبرى بالقرب من الصغرى. وهى سبعة أنجم ظاهرة. «النعش» منها أربعة، والثلثة «بنات» . ويسمّى الاول من البنات، «القائد» . ويسمّى الأوسط، عناق. والذي يلى النعش، الجوزاء. وإلى جانب الكوكب الأوسط من البنات كوكب صغير جدّا، يكاد يلزق به؛ يسمّى السّها. ومنه قيل: «أريها السها، وتريني القمر». (من كتاب الأنواء في مواسم العرب) لابن قتيبة الدينوري
تقول الحكاية أن بنات نعش يحملن نعش أبيهن المقتول، وقد اتهمن الجدي (النجم القطبي) بقتله، وأقسمن على أن لا يقمن بدفنه حتى يأخذن بثأر أبيهن فحملن النعش وأخذن بتتبع نجم الجدي إلا أن نجمين آخرين وهما (الفرقدين) وقفا في وجههن حتى لا يصلن إلى الجدي لأنهما كانا يريان أن القاتل هو سهيل اليماني (نجم سهيل الذي يظهر في الجنوب) وأنه قد فر هارباً للجنوب و واختبأ هناك فلا يظهر في السماء إلا أياماً معدودات. وهكذا فإن هذه النجوم تدور حول نجم الجدي منذ ذلك اليوم فلا البنات أخذن بثأر أبيهن، ولا استطعن مواراته الثرى، ولا هن استرحن من عناء اللحاق بقاتل أبيهن.
ثور يحرس الأرض
تصور قدماء المصريين هذه المجموعة على شكل “ثور” يحرث الأرض ويقوده تمساح كبير، بينما تخيلها الصينيون على شكل عربة صغيرة خلفها رجلان وفي أوروبا –قدماء الإسكندافيون- صورت على شكل عربة تجرها ثلاثة خيول، وفى بريطانيا شبهت ب”المحراث”.
إنتقام هيرا في اليونان القديمة
في الأساطير اليونانية كان زيوس وجوبيتير وهو سيد الأولمب معروفاً بعلاقاته الغرامية المتعددة، وتدور قصة الدب الأكبر حول عشيقته كاليستو وابنهما أركاس . كانت كاليستو ابنة الملك ليكون ملك أركاديا جميلة فاتنة فأحبها زيوس حباً شديداً وأنجبت له ولداً اسمه أركاس . هذه العلاقة أغضبت الآلهة هيرا أو جونو زوجة زيوس التي لا تفتأ تغار عليه، طلبت من زوجها عدم مقابلة كاليستو لكنه لم يلب إلى طلبها، فقررت هيرا تحويل كاليستو إلى دب خشن الوبر وتركتها هائمة في غابات أركاديا . بعد عدة سنوات أصبح أركاس شاباً وسيماً مولعاً بالصيد . رأت كاليستو ابنها في الغابة فنسيت في قمة سعادتها أنها دب شرس وأرادت أن تحضن ابنها لتقول له إنها مشتاقة إليه وتحبه، لكن أركاس رأى أمامه دباً شرساً فاستل سهماً وأراد أن يطلقه نحو الدب، إلا أن زيوس الذي كان يراقب الموقف قبض على ذنب كاليستو وقذفها إلى السماء متحولة إلى الأبد إلى دب أكبر على هيئة نجوم . أراد زيوس أن يلحق أركاس بأمه فحوله إلى دب أيضاً وقذف به إلى السماء على هيئة دب أصغر، ولكن من الدبين النجمين ذنب طويل نوعاً ما لأنهما طالا عندما ألقى بهما زيوس إلى السماء . توسلت هيرا التي لم يعجبها ما فعل زيوس إلى أخيها بوسيدون آلهة البحر ألا يدع الدبين يعرفان الراحة ولذا يدور الدب الأكبر والأصغر إلى يومنا هذا حسب الأسطورة حول قطبي السماء من دون توقف .
أسماء كل نجم
بولاريس وهو النجم القطبي وهو الواقع على نهاية ذيل الدب الأصغر، قتل والد البنات الثلاث (أي الثلاث المكونة للذيل)، وأن البنات الثلاث يسرن وراء النعش والمجموعة تسير نحو القاتل لكي يأخذن بثأر أبيهن ولكن هناك نجمتين في الدب الأصغر تمنعانهن من التقدم نحو النجم القطبي (القاتل) وتسمى هاتان النجمتان الحاجزات أي أنهما تحجزان بين مجموعة الدب الأكبر والبنات من التقدم نحو النجم القطبي، وهكذا تدور المجموعة حول النجم القطبي الثابت من دون الوصول إليه . والنجم الذي فوق العناق وملاصق له تسميه العرب السها .
وفي بعض اللغات القديمة يطلق على السها اسم الستا والصيدق، ونُعيش وهو الذي يمتحن به الناس أبصارهم فيقولون أريه السها ويريني القمر، وسمت العرب النجم الأول من المستطيل والقريب من الذنب المغرز والذي أسفله الفخذ والنجمين البعيدين عن المستطيل هما الدليلان كونهما يدلان على نجم القطب . والأول منهما يسمى المراق والثاني الدب وتسمى النجوم التي في بطن الدب الحوض، أما التي تشكل رأس الدب أي على الحاجب والعينين والأذن والخطم فتسمى الظباء، وتسمى الستة التي عند الأقدام الثلاثة وعلى كل قدم منها اثنان قفزات الظباء أي كل اثنين منها قفزة والنجوم السبعة التي على عنق الدب وصدره وعلى الركبتين كأنها نصف دائرة تسمى سرير بنات نعش وتسمى الحوض أيضاً.. .
اترك تعليقاً