الشَكَلوتة – لُغز المرأة الحزينة.!

الشَكَلوتة من الشخصيات الأسطورية (الميثولوجية) التي تختزنها المُخيلة الشعبية، ومنها يضرب المثل مثل أن نقول: “تشبه الشكلوتة” لقبحها أو أن ” تحبك الشكلوتة”، و الشكلوتة تخطف الاطفال و أن لحست وجههم بلسانها تنزع اللحم منه وهي شخصية شيطانية أنثوية، شكلها غريب ومخيف، فجسمها مليء بالشعر كأنها قرد، ولديها قدرة على التحول في شكل إمرأة جميلة حسناء الشكل طويلة القد، ومرتبة الهندام، تُغري الرجال ثم تفتك بهم وتقتلهم،  وفي روايات أخرى أنها إذا أُعجبت برجل ما تخطفه تحت النهر وتتزوجه وتنجب منه أطفال وتعيده بعد سنين.

وفي القصص الشعبية، يشبهون بها بعض الفتيات اللاتي يتخلقن بأخلاق القسوة والعدوانية ويتصرفن بشكل غير لائق أو بعض الفتيات ذات المظهر القبيح أحيانا. ويقال انها تحضر عندما تأتي رياح الهبوب و الكتاحة و عندها رجل واحدة

كتب بدر الدين العتَّاق أن أصل كلمة الشكلوتة مكونة من شِقَّيْن : شَكَ – لُوْتَة؛ وترجع جذر كلمة شَكَ لـــــــ شَقَ؛ بإبدال القاف كافاً عند النطق ، ومعناها النصف من الشيء ويقصدون بالنصف من الشيء الإنسان / نصف إنسان / ؛ ونعرف هذا المعنى في المصطلح الشعبي السوداني بــــــ ( البَعَّاتِي ) المأخوذ أصلاً من لغة العرب؛ وكانت تعرف العرب قبل الإسلام رجلين أحدهما بهذا اللفظ والشكل وهما : شِق أو شَق والآخر سطيح؛ وكانا من المُنَجِّمِين الكُهَّان الكِبار اللَّذَيْن تنبئا بقدوم النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما ورد في السيرة النبوية الشريفة لابن كثير الدمشقي المتوفي سنة ٧٧٤ خ عندما شاع أمره وأَزِف زمانه.

أمَّا النصف الثاني من الكلمة فهي ” لُوْتَة ” وأصلها اللغوي من : واتا أي واطا بلغة السودانيين في مروى القديمة / 750 ق م / بحذف الألف بين الواو والطاء ؛ أي الأرض؛ فهم يقولون للأرض الواطة؛ وتفيد الكلمة ( شق الأرض ) أو نصف الأرض؛ الميت الذي يقوم بعد موته في الأساطير العربية القديمة وكذلك عند أهل السودان قديماً ( البَعَّاتِي)؛ من القبر فيرجع للحياة من جديد؛ فأُدغِمَتْ الكلمتان في كلمة واحدة ” الشكلوتة ” بلهجة المرويين القديمة وسارت من بعد على الألسن حتى يومنا هذا.

أيضاً تُعرَف بخيال المئآتة ويوضع هذا الخيال المُتَخَيَّل للميت في الأراضي الزراعية لإبعاد الطير من الحَبِّ في موسم الحصاد واستواء المحصول إذ تحركه الريح بغير اتجاه مما يترائى للطير وربما البشر أيضاً من بعيد وجود شخص ما في مكان الزراعة فيتجنبه أو يبتعد عنه ، والطير كذلك ؛ كما يعرف بالهمبول في الإقليم الأوسط – الجزيرة الآن – أو مشروع الجزيرة بالتحديد؛ ذات الفكرة إذ يضعون على عُدَّة عِصِي خشبية متراكبة ومرصوصة على هيئة إنسان ويلبسوه الدلاقين أو أقمشة أو جلَّابية قديمة مهترئة فتحركها الريح فيهابها الطير والإنسان من بعيد ، وربَّما ذهب بعضهم ونسبهم إلى الجن وهو راجح عند الكثيرين ، راجع محاضرة البروفيسور جعفر ميرغني أضواء على الحضارة السودانية باليوتيوب وقوقل.

لفظة الشكلوتة؛ جاءت من تداخل اللهجات العربية والموروثات القديمة مع سكان حوض البحر الأحمر وهم أهل بلاد الحبشة وبالتحديد بلاد السودان الغربي لبحر القُلْزُم أي أرض السودان اليوم؛ هذا التداخل الواسع الرهيب الممتد من قارة آسيا شرق بحر القُلْزُم وإلى السنغال وبلاد برنو غرباً بأفريقيا ؛ حصر منطقة بلاد مروي في التعامل مع بلاد جزيرة العرب إذ كانت مكة قديماً تعرف بسوق حُباشة أو الحبشة من الناحية التجارية والتي تدعم اقتصاد المنطقة ككل؛ فلاكت الألسن كثيراً من المفردات وسارت بها الركبان ولم تعد غريبة؛ راجع حلقات الدكتور جعفر ميرغني تاريخ السودان على اليوتيوب سنة ١٩٩٨ – ٢٠٠٠.

– في فولكلور سوداني- صفحة ثقافية- الشكلوتة في ميثولوجيا الشرق كتب ابراهيم ابو شورة أنها:” الشكلوتة فِي ميثلوجيا الشَّرْق جِنية تَحْرُس اضرحة الْأَوْلِيَاء وتناغم صمتهم فِي حضْنِ مكرام وتوتيل الَّذِي عُرِفَ عِنْد أَسْرَار الشِّعْرِ وَالشُّعَرَاءِ بالتاكا حِين يشدان خَاصِرَة الْمَدِينَة عَلِيّ ضِفَّةِ النَّهْرِ الْمَجْنُون ، عِنْد أَقْدَام الْجَبَل مَقَابِر لِمَن هامت رُوحَهُم فِي دُرُوب الشكلوتة” .

كتب رأفت ميلاد في قصته أن :”الشكلوتة كانت أثيوبية الأصل سودانية المنشأ ولدت في قرية في ضواحي مدينة تسني، توفت والدتها وهي تضعها كفلتها خالتها المتزوجة وتعيش في مدينة الكرمك السودانية عاشت مترفة كطفلة في كنف خالتها، ألحقتها بمدارس الإرسالية الأمريكية في الخرطوم بحري، و في غارة جوية على مدينة الكرمك تحطم متجر زوج خالتها ومنزله المتاخم للمتجر ومات ، فقدت خالتها ساقها الأيمن وانتقلت الى دار للعجزة في أثيوبيا، و فقدت الشكلوتة اتصالها بخالتها وفقدت كل مصدر مالي تعيش منه”.

” وشملها والد صديقتها برعايته وأغدق عليها بماله، و صار يتقرب منها وأغراها بالبحث عن خالتها ويأتي بها لتعيش معها. ألتف حولها حتى تزوجها، بشرها زوجها بالعثور على مقر خالتها في أثيوبيا وأنه أرسل من يأتي بها، بعد شهر عاد المرسال بخالتها تصادف عدم تواجد زوجها التي كانت تحمل في أحشائها ثمرة منه و كان في رحلة تجارية، و أنجبت الشكلوتة طفلة جميلة في غياب زوجها كانت الصدمة عند عودة زوجها صرخت الخالة وتشنجت عند رؤيته. وصارت تصرخ وتضرب الأرض برجلها الوحيدة وتتشبث بشعرها خلعاٌ وهي تصرخ :”هذا والدك هذا والدك

هامت بعدها الشكلوتة فى الأرض وقد فقدت عقلها تمام ” نهايتها” كانت تترك طفلتها بين القاذورات التي كانت تقتات منها وتطارد النساء في الطرقات بشعرها الأشعث ولونها المحروق وملابسها الرثة وهى تصيح: “هذا والدك هذا والدك”

حتى إذا كانت التى تصرخ فيها مرافقة لأبنها. تصرفها جعل منها تندراً وصارت مثال للقبح والقذارة”.

و تحَولت المرأة بحزنها الى شَكَلوتة

و نسبة لانه وجد الناس طفلتها ممزقة على كوم الفضلات كأن حيوان ألتهمها و عمّ الهلع الناس عندما وجدو طفلة رضيعة أخرى في نفس حال طفلة الشكلوتة، فأصبحت الاسطورة بأن الشكلوتة تحولت و نبت لها مخالب ذئب وأمتلأ جسمها بالشعر وصارت تسير على أربع بوجه خليط بين الأنسان والحيوان، و لكن لم يثبت ان أنسان قد رآها.

“دايخ زي الشكلوتة في الحر”: يُضرب للمَشاعر العاطفية الذائبة.  وفي المخيلة السودانية الشكلوتة إنسانة تحولت لحيوان قبيح و مخيف و قذر تحت ظرف ما لذلك صارت يضرب المثل:” تشبهي الشكلوتة “.

أسطورة الحقل المسحور

يُقال إنه كان هناك حقل يُعتقد أنه مسكون بالشَكَلوتة. كان المزارعون يخشون العمل فيه بعد غروب الشمس بسبب الأصوات الغامضة التي تُسمع هناك. في إحدى المرات، قرر شاب شجاع التحقق من الأمر، فاكتشف أن الأصوات كانت ناتجة عن الرياح التي تمر عبر ثقوب في الأشجار. بعد ذلك، تلاشت أسطورة الشَكَلوتة في ذلك الحقل.

محكية شفاهية أخرى

“يحكى ان رجلا هاربا من مجموعة استرقته لفترة طويلة .وحين سنحت له فرصة ان يهرب صار يختبئ بالنهار ويجري بالليل .وبينما هو جار ي ومجتهد في الجري وقع في بئر .فوجد في قعر البئر بعشوم ” ربما حيوان خرافي لا ادري ما هو لكن قطعا مفترس وكانت هناك شكلوتة على طرف البئر وهي اسم مؤنث لحيوان مفترس .فكان كل ما اراد البعشوم ان يفترس الرجل المسكين تتصدى الشكلوتة له ثم تلتفت الى الرجل وتقول له بلغة الاشارة لا تخف عندما يذهب هذا انا سوف اكلك ”

المصادر:

د. سلوى عبد المجيد أحمد المشلي : (2) Facebook

Badraldin Alattag : (1) بسم الله الرحمن الرحيم بين الشكلوتة والدقلوتة… – Badraldin Alattag | Facebook

فولكلور سوداني- صفحة ثقافية- الشكلوتة في ميثولوجيا الشرق : ابراهيم ابو شورة

رأفت ميلاد : (2) رأفت ميلاد – الشكلوتة . كانت أثيوبية الأصل سودانية المنشأ. ولدت… | Facebook


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *