السيدة كتلوج وموكب تجمع المهنيين

في قديم الزمان حينما كانت نهاية سوق ليبيا الحالية خارج نطاق الدولة، يُحكى في مطاعم الثورات التي كانت تحدها مرزوق، أن حدها ينتهي عند الجبل، وتتوقف الخارطة هناك، يقال أن الناس في المطاعم بإمكانهم طلب شية إنسان، كل شئ غرائبي موجود في الجبل، الذي تسكنه سيدة تحمل نواميس كونية غرائبية، تأوي معها أحد عشر كلباً، ولا تتحدث-لم يسبق لأحد أن سمع صوتها.

في العام ثمانية وثمانين في أواخر العهد المايوي، نزلت السيدة – لا إسم لها – عقب أن  نزلت بالمنطقة أمطار غزيرة، وكسرت السيول البيوت،  نزلت وهي تركب ناقة عظيمة ومن خلفها كلابها كالمرافعين، تضع في ثوبها ثمار اللالوب والنبق، توزعها على المشردين والجوعى، كان ذلك قبل أن تتذكر الحكومة قاطني المنطقة ومحنتهم.

تلت تلك الفترة أعوام إختفت السيدة –ولم يعد يراها أحد، وفي العام أربعة وتسعين قبل أن ترصد مؤشرات الزلازل حركة طبقات الأرض، نزلت السيدة – لا أحد من الجبل وصارت تركض، للمرة الثانية فقط يلمح الناس وجهها كاملاً، كانت عيونها مرتعبة وخائفة، وللمرة الثانية كانت تصرخ بأعلى صوتها، أمرقوا الجهال في السهلة – لا تقبعوا في بيوتكم.

عندما جاءت الإنقاذ، بجبروتها وتسلطها، وحينما قرر معتمد أمدرمان وقتها تهديم البيوت العشوائية في (الجخيس)، وحينما ظهرت لوادر الحكومة مسنودة بعساكر الشرطة، خرجت سيدة من الجبال، لا إسم لها، بمعنى لاوجود حقيقي لها في سجلات الدولة، وقفت هناك أمام البيوت التي تهدمت وظهرت من وراء الجدران كلابها، كانت كلابها تنبح بعنف، أوقف العمال أيديهم ورموا المعاول، جاءت تغطي فمها بثوب قديم، وصرخت:

” الواطا حقت الله شوفو قبوركم وين الموت الما يفضل فيكم نفاخ النار تتقدروا على المساكين الما عندهم ضل..”

الأرض ملك لله، فليختار كل واحد منكم قبره، توقفت اللوادر عن العمل، وهبت ريح باردة تحمل رائحة فرير دمور، إشتم العساكر الرائحة الجنائزية في أصابعهم، وصارت الكلاب تنبح طيلة ذلك الليل.

قبل ثمانية سنوات، كانت الخرطوم تستعيد عنفوانها، صخبها الثوري عبر بيانات تجمع المهنيين، صارت الميادين تمتلئ بالأولاد، الهتاف الذي وصل جبال كرري أيقظ السيدة لا أحد – أو لنسمها كتلوج، كأن الكاتلوج هو مكتوب أزلي، نزلت السيدة وكلابها الأحد عشر، كانت كلابها ضخمة وتشبه المرافعين –الضباع- هذه المرة الأخيرة التي شوهدت فيها المرأة وهي تغطي وجهها بالكدمول وعيونها تقدح شرراً، شاهدوها في طريقها لمحطة صابرين قبل الساعة الواحدة ظهراً كما أعلنت صفحة تجمع المهنيين في فيسبوك، كانت غاضبة جداً ومعها كلابها وهي تنبح، حينما بدأ الموكب ذاب صوتها وسط الجموع الهادرة مثلما هي دائماً – السيدة –لا إسم لها.

المصادر:

Adil Colour – أمسك.. عمتك “كتلوج” ظهرت 🔥 روحانيات وأسبار صابرين….. | Facebook

الصور المستخدمة لا تمت للمقال بصلة.!


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *