شمسٌ تخلعُ على المدينةِ عباءَتها الأخيرة
ومآذنٌ تُنادي في الأفقِ المنهكِ أن انهضي
فقد جاءَ فجرٌ غيرُ الذي ألفتِهِ الأزمنةُ الثقيلة
يمسحُ عن جبينِ الخرطوم أثرَ ليلٍ طويلٍ من الإحتلال والوجع..
في السادسِ والعشرين من رمضان لم يكن الصباحُ كعادتهِ كان يجيءُ على هيئةِ فارسٍ يركضُ بين الحناجرِ
يرفعُ رايةً من العزمِ
ويهتفُ بإسمِ الذين مرّوا من هنا ولم يعودوا
بإسمِ الذين أودعوا في الأزقةِ صرخاتِهم ثم رحلوا
باسمِ الذين قاتلوا حتى لم يبقَ في أيديهم إلا قبضةٌ من ترابِ الوطن فقبضوا عليها كما لو أنها الحياةُ ذاتُها…
الخرطومُ تنفضُ عن كتفيها غبارَ الغزاةِ
تمسحُ عن جبينِها أثرَ السيوفِ التي لم تُسقطها
وتفتحُ ذراعيها لنهارٍ خالٍ من الغرباءِ.
كان الذين مضوا يعرفون أن المدينةَ لا تُهزمُ
أن النيلَ قد ينامُ متعبًا لكنه لا يموت
وأن الخرطومَ حين تكتبُ تاريخَها.. لا تتركُ للحبرِ أثرًا
بل تخُطُّهُ بالدمِ والعزيمةِ والصبر.
سلامٌ عليكِ يا مدينةَ النهرين
سلامٌ عليكِ يا عزة
يا صهيلَ الخيولِ في وجهِ الليل
ويا نشيدَ البسطاءِ حين يضيقُ الأفقُ ويفتحُ صدرَهُ للأملِ من جديد..
يا من استعادتْ صوتَها المسروقَ وكأن المآذنَ التي كتمتْ النداءَ طويلاً صعدتْ بالحرفِ إلى السماءِ فأجابَها اللهُ من علٍ: قومي فقد عُدتِ حرة..
الكاتبة: وقار عادل Wagaradil227@gmail.com
الصورة تصميم الفنانة: ريل حسن
اترك تعليقاً