الأمثال – بقايا حِكايات من منطقة الحامداب

·

·

,

الكاتب: محمد مصطفى النور

المثل الشعبي عنصر هام من عناصر الفولكلور القولي، وهو ليس كلاماً ساذجاً ركبت كلماته متجانسه في جرس موسيقي جميل، بل هو حصيلة لتجارب إنسانية في الحياة لخصها أفراد لهم القدرة الإبداعية في الصياغة على هذا النحو المختصر البليغ، ويرى إبراهيم النظام أنه تجتمع في المثل أربعة مميزات لا تجتمع في غيره من الكلام، و هي ايجاز اللفظ، وإصابة المعني، وحسن التشبيه وجودة الكناية ، أما روجر ابراهام فيري المثل جملة قصيرة ومطاطية تعبر عن خبرة تقليدية مرت بالجماعة المحلية وقد تتكرر في يوم ما، وهذه الجملة محكمة البناء بدقة وهي تعليمية إضافة لكونها قانونية، وفيها تقرير مكتمل عن طريقة حل مشكلة ما بتحديدها وتحديد إستراتيجيات حلها، فما أن تسمع المثل حتي تنفتح أمامك آفاق جديدة للحلول  إذاً فالمثل هو جملة قصيرة ومطاطية تحتوي على بلاغة وشاعرية، تحمل طابع البيئة ويمكن أن تقال في أكثر من مناسبة،  وهي تلخيص لتجربة الجماعة وخبرتها الحياتية لاحتوائها علي حكم، أو نصائح، أو إستهجان، أو إستحسان لسلوك محدد . ولما كان المثل – في معظم الأحيان ليس له مؤلف معروف وأن الجماعة قد تبنته فهو يمثل واحدة من أهم وسائل الضبط الاجتماعي Social Control في المجتمعات التقليدية، ويتسابق الأفراد المكونون للجماعة للدخول في دائرة إستحسانه ويتحاشون بالمقابل الدخول في دائرة إستهجانه وهو بالإضافة لذلك يلعب دور القاضي الذي يفصل في النزاعات والخلافات خصوصاً في مجتمعات الظل كمجتمع الحامداب، فما أن يحدث نزاع بين طرفين حتي يستعين كل خصم بذخيرته من الأمثال الشعبية في مباراة غير معلنة يكون فيها المثل الشعبي حداً للنزاع، وهو في العادة سلطة عليا يخضع لها الأفراد بإعتبارها وعاء لقيم الجماعة وأفكارها وتجاربها وتسمى الأمثال في منطقة الحامداب «الأمسال» بقلب الثاء سيناً msal’…

ثلاثة حكايات على الأمثال الشعبية وقصصها:

  • (سعد لا ينفخها لا يجي عندها) ولهذا المثل قصة فيقال أن سعداً هذا كان صاحب أول دكان في المنطقة وأنه أحضر البالونات. وفي يوم جاءه صبي يريد بالونة فباعها له . فطلب منه الصبي أن ينفخها له، فلما فعل تفرقعت البالونة فاعطي الصبي بالونة أخرى بدلاً عن الضائعة، وكرر الصبي طلبه وتكرر ضياع البالونات ثلاثة مرات فأخذ الصبي ماله وذهب ثم جاء صبي آخر وطلب بالونة فأعطاه سعد البالونة فطلب من سعد أن ينفخها له فأجاب سعد والله سعد لا ينفخها ولا يجي عندها)
  • ومن قصص الأمثال الطريفة أن أحدهم كان عشيقاً لزوجة أحد الرجال وفي يوم دخل الرجل إلى داره فوجد زوجته وعشيقها في حالة من الحرام فجرى العشيق خوفاً والرجل يطارده وكان العشيق يحمل في يده شتلة من نبات العدس اقتلعها أثناء هروبه والناس يشاهدون المنظر في عجب ويستهجنون الرجل ويقولون له ده كلو فيشان حبة عدس ؟!! والرجل يخجل أن يخبرهم بسبب المطاردة الحقيقي فيمتعض ويرد عليهم (الماعارف يقول عدس)، وهو مثل متداول في المنطقة.
  • ومن الأمثال (دبيبة ولاد أم سالم السبعة) وهو مثل يضرب في الحسد حيث أنهم سبعة إخوة أدخل أولهم يده في جحر فلدغه الثعبان فسكت ولم يحذر اخوانه فأدخل الثاني يده وفعل مثل الأول، واستمر الأمر حتى لدغ الثعبان الأخ السادس الذي حذر السابع ومات الإخوة الستة ومن نسل السابع جاءت قبيلة أم سالم الشهيرة في المنطقة ويعتقدون أن أفرادها قد ورثوا الحسد .

    ___________________________________________________________________
  • الصورة الحامداب القديمة حلة (القطين)
  • الفلكلور والحياة الشعبية في منطقة الحامداب – للمؤلف محمد مصطفى النور / تقديم : د محمد المهدي بشرى – سلسلة إصدارات سد مروي


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *