أب لمبة – هل تَضِلُ القُلوب أولاً أم الأقدَام .!

أسطورة “أب لمبة” وهو من الموروثات الشعبية القديمة ويظهر “أب لمبة” للسائرين في الخلاء ليلا حيث يتراءى لهم ضوء من بعيد، ومن ثمّ يغذون في السير أملا في الوصول إليه ويقضون ليلهم كله في المشي نحوه ولكن بلا جدوى إذ يظل يتباعد ويتباعد إلى أن تكتشف أنّك خدعت.

في الميثولوجيا العربية القديمة

الرحالة المسعودي في كتابة :”مروج الذهب ومعادن الجوهر” بأن بعض الفلاسفة ذكروا أنه حيوان شاذ من جنس الحيوان، مشوه وأنه لما خرج منفردا في نفسه و هيئته توحش من مسكنه وسكن( القفار)، وهو يناسب (الإنسان) والحيوان البهيمي في الشكل.

وزعمت طائفة من العرب أن الغول اسم كل شيء يعرض في (للسفار)، ويتمثل في ضروب من الصور ذكرا كان ام انثى، إلا أن اكثر كلامهم أنثى.

وقال أبو سليمان الخطابي في كتابه معالم السنن:« ويقال: إن الغيلان سحرة الجن تسحر الناس وتفتنهم بالإضلال عن الطريق.»

قد كانت الغول تتراءى لهم في( الليالي والخلوات) فيتوهمون أنها إنسان فيتبعونها فتزيلهم عن الطريق التي هم عليها وتتيههم.

و قد ذكر جماعة من الصحابة ذلك منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه شاهد ذلك في بعض أسفاره إلى الشان وأن الغول كانت تتغول به وأنه ضربها بسيفه، وذلك قبل ظهور الإسلام وهذا مشهور عندهن في اخبارهم. (المسعودي :465-466)

و قد ذكر أن بعض اهل الشرائع ذكروا ان الله تعالى خلق الجان من نار السموم وخلق منه زوجته، كما خلق حواء من آدم. و أن الجان غشيها فحملت منه وأنها باضت إحدى و ثلاثين بيضة، وإن إحدى البيضات اخرجت الغيلان وهم يسكنون الخلوات و الفلوات.

يحكي عبدالله الهادي «مزارع» وقال لنا: ابو لمبة شيطان مخادع يولع نورا ويطفئه ثم يولع نورا مرة اخرى، وهو بذلك يغشك ويضلك عن الطريق، وفي احيان كثيرة يكون على شكل امرأة، وقد تسمع صوت موسيقى كأنك اقتربت من «سيرة عرس»، وكثيرا ما يروي اهل قريتنا عن المقالب التي وقع فيها الشباب عند عودتهم مساءً الى القرية، اذ يظهر لهم ابو لمبة موحيا بمكان عرس تلوح منه الانوار وتصدح فيه الموسيقى، ويعتقد الشباب انه مناسبة زواج ويتجهون نحوها، وكلما اقتربوا ابتعد عنهم الى أن يصيبهم التعب ويضلوا الطريق.

ففي المناطق الشمالية للسودان

-أبوفانوس يظهر فى بحر النيل وشوهد عيانا بيانا كثير جدا فى نهر النيل وعلى ضفافه عندما كان الكشافة البحرية الخرطوم يبحرون بالليل.

يحكي بلال: ذات مرة تحركت من قرية الزليط متجها الى الحواشات، وفجأة لاح نور وتوجهت نحوه، وكلما ازيد سرعتي لاصل اليه يزيد النور بعدا مني، واخيرا عندما توقفت لم اعرف اين انا، وبعد مشي عدة كيلومترات اقتربت من النيل، ووجدت مزارعين ارشدوني الى اتجاه قريتي الصحيح.

بينما يؤكد نعيم يسن «حداد» انه كثيرا ما يتعرض الى ابو لمبة عند ذهابه الى مجاملة اجتماعية في القرى والريف، ولانه اصلا لا يلم بطبيعة المنطقة فإنه يتعرض الى خدع ابو لمبة، معتقدا ان ذلك الضوء هو منزل احد الاشخاص ليدله على مسار الطريق، فاذا به يخرج عن الطريق الصحيح، مضيعا وقته ووقود عربته، وقد يضطر الى المبيت حتى الصباح ليتبين الطريق .

وتوجهنا الى السوق الشعبي بالخرطوم حيث ترحيلات الشاحنات الي الولايات، والتقينا بخاطر مختار الامين «ترحيلات التضامن»، وقال لنا اسم ابو لمبة يطلق على شيطان يرى في الاماكن البعيدة الخالية من السكان، ولا يظهر في المدن او المناطق المأهولة بالسكان، وغالبا ما يظهر في صورة لمبة مضيئة من على البعد، ويكون في الاماكن النجسة، واصحاب وسائقي اللواري من اكثر الاشخاص الذين يتعرضون لمحاولات تضليل ابو لمبة، خاصة في لحظات تعطل اللوري، ويظهر ابو لمبة من على البعد معطيا احساسا لسائقي الشاحنة ان هناك منزلا او قرية قريبة يستطيع ان يجلب منها الطعام او المساعدة، ويتحرك السائق نحو الضوء معتقدا قربه منه، ويتباعد ابو لمبة رويدا رويدا والسائق يزيد معدل سرعته ليصل اليه، في حين أن الشيطان يبتعد اكثر حتى ينال من الشخص التعب ويضل الطريق ولا يعرف اين هو ولا كيف يرجع الى المكان الذي ترك فيه شاحنته.

الاسطورة في حدود السودان الأوسط

قصة عائلة ال بكري :

يُحكي ان شجرة غرسها شيخ الجان بنفسه وتعهدها بالسقاية والرعاية حتي طالت وأظلت و ترامت فروعها و برزت بين الأشجار الأخري وعندما حل (ال بكري ) جدنا الكبير في المكان وإستظل بهذه الشجرة هو وعوله سمح لهم صاحب الحضرة شيخ الجن بأن يضربوا خيامهم و يوقدوا نارهم فأقاموا بالمكان عقودا وعمروه وجعلوا منه قريتهم وموطنهم يزرعون حول شجرة بكري (بِلداتهم) و يرعون في رحابها بهائمهم، يأكلون و يتناسلون حتي أمسوا أقواما كثيرة وبطون للبيوت، شمخت الشجرة و عمرت دهرا طويلا وعندما جاء الانجليز (أبان وجوها دم) رحل القوم عن المكان في دهر من الدهور وبعد قيام مشروع الجزيرة، رحلوا عن رحاب شجرة بكري الكبير و بنوا قطاطيهم في تلك الفضاية المقابلة لغابة السنط و التي قطعها الإنجليز بالجرافات حتي نبتت في مكانها حشيشة السعد والضريسه سموها (اللُّقُد) ، بقيت الشجرة العجوز تترائي بعد العين للناس من مقامهم الجديد، كنا نراها بعيوننا، تلك الصغيرة و هي شامخة في الأفق تهز في فروعها مع كل هبة ريح و كأنها تلوح للسالمين بالسلام ، كبرنا قليلا و كبرت حكاوي حبوبة معنا و لكن إعتقادها في الشجرة المباركة ظل قابعا فى جوف الأقاصيص التي تحجينها حتي جفت الشجرة و تهاوي جذعها ذات يوم و ماتت.

تحكي جدتهم في حكايتها الأخيرة أن (شيخ الجن) نزع بركته عن المكان بعد موت شجرته المحبوبة و أرسل علينا غضبه وحلت منه اللعنة علي الناس فما عاد ينفعهم ما يأكلون و ما عادت تنجب لهم نساؤهم الفرسان وما عادت تحلب أبقارهم اللبن، غضب شيخ الجن علي البشر جميعهم و فرق عياله المشوطنين في السهول و الحقول و التلال ينصبون الفخاخ للبشر و يضلونهم عن الطريق و تقول حبوبة أن الجان المعروف في كل بقاع السودان ب: (أب لمبة) هو إبن شيخ الجن (البِكري)، و هو (ذات الجان أب لمبة) الذي يمارس هوايته المحببة فيتبين للعابرين و المسافرين و سالكي الطريق فيتبدي لهم كالرهاب و يشلع لمبته و تنير أضواءها مثل كهارب الحواضر حتي تتأمم شطرها وجوه المسافرين فيضل القوم عن مقصدهم، و لذلك ظلت حبوبة توصينا بعدم السفر بالليل حتي لا يلعب بنا (الجان أب لمبة) و يمرقنا في (سقط لقط).

محمد خليفة:” نحنا صغار في في مشروع الجزيره واحد من الجن يدعى (ابو فنوار) بضيع الناس في الخلا و معظم المزارعين والحمير يعرفوه و كذلك الناس البتشغل بالليل عند توزيع الماء في الحواشات ليلا فيظهر فجأه امام الحمار فتجد الحمار يضع راسه في الأرض و تجد الفانوس يصعد على رأس الحمار و يقود الحمار في الظلام فيضيع الناس في الخلا وهذا معروف عند المزارعين”.

وايضا نسمع أن في منطقة كرري العسكرية كثير ما يضلل الناس فيظهر في شكل شخص يحمل لمبة تضيء الطريق فتهتدي به و تتوه و يسمى ب(ابو لمبة) و( ابو فانوس)  و( ابو سراج)، (أبو نويرة)  و (ابو فنوار ) كما يسمى في الجزيرة .

ويؤكد خاطر ان سائق العربة الحصيف والمجرب لا ينخدع بابو لمبة، لكن احيانا الظروف التي تواجه السائق من تعطل العربة والحاجة الى الامداد والمساعدة، تضطره الى الوقوع في ضلال ابو لمبة مرة اخرى.

تفاسير علمية عن ظهور الضوء:

عبارة عن حشرة صغيرة مضيئة في كردفان تسمى الجوهرة

تكون نتيجة لظواهر طبيعية مثل انعكاس ضوء النجوم أو القمر على الرمال، أو حتى ظواهر زي السراب.

عملية تفريغ كهربائي متعلقة بظروف الطقس وتضاريس المكان .

«أضواء مارفا»

تتطابق الظاهرة مع أخرى في مدينة مارفا غرب تكساس، الولايات المتحدة او تعرف بالأضواء الشبحية، الأضواء الغريبة أو الغامضة، وغيرها، أقدم توثيق لمشاهدتها يرجع للعام 1883 من قبل شاب يرعى البقر، يصفها البعض بأنها كرات ذات توهّج نابض ولها تحركات غريبة أو شاذة، وآخرين وصفوها بأشباه أجرام سماوية تظهر فجأة ولها توهّج نابض، يخفت حينًا ويلمع بشدة أحيانًا أخرى.، قدّم البعض تفسيرًا يربط هذه الظاهرة بانعكاس نيران المخيمات أو مصابيح السيارات في مناطق قريبة، لكن لم تحسم حقيقة ظهورها بشكل مؤكد


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *