بقلم الكاتب: أسامة أزهري
نيسان _ ربيع الثاني، السادس من أبريل كما يحلو لنا وكأي الايام لم يكن، الساعة تشير إلي السابعة صباحا، جمرات الفحم علي موقدها بالكاد تصنع إبريق من الشاي، وصبي صغير يهِب الحياة لحذاء بائس، ذاك العشريني يتفحص أناقته وكأنه علي موعد غرام مع الوطن الطرقات مليئة بالمارة، والجمع هنا يبدوا قلقاً جدا .. فحركة السير ستُفقٍد المواعيد الكبيرة إحترامها الساعة التاسعة صباحا ..
العاصمة الخرطوم تبدوا أكثر روتينية ، المطاعم وأجراس الباعة ذاتها ، المارة هناك لا تفئ أقدامهم بيوم يشابه ما نصبو إليه.
العاشرة صباحا.. الطرقات تخبرنا بحركة سيارات الأمن، تري تلثم وجوههم وصيحات افواههِم وكأنهم أرادو إن يثيروا رعبا ، تري إندساسهم علي إذقة الطرقات ثم تلاحظ إختفائهم بين المارة لحِين والاخر.
الحادية عشر .. زحمة السير والطرقات تشعرك بالقلق ، أعين المارة تتجه صوب عينيك وكأنهم أشباه ثوار ، فالثوار يفهمون حديث العيون وقصائد عشقها ففي الأصل إن الثائر عاشقُُ للوطن والكرامة .. وأن الكريم لا يرضي بذلٍ من ذليل..
الساعة الثانية عشر .. تخرج الانفاس معبأةً بالأحلام ، مثقلة بظلم السنين والأيام وجبروت الطغاة والطاغين تشهق وتشعر بمرارة ظلم المنسيين في خضب الحقول والسهول و المهمشين علي أوتار الحياة الثانية عشر والنصف تسمع نداءات الجوامع أن حي علي الصلاة ، تسمع أن هلموا إلي هلموا للفلاح الساعة تؤول إلي الواحدة .. دقائِق تفصلنا عن التاريخ ، رائِحة إبريل القديمة تفوح بأجيالها اليوم ، تلاحظ العيون أكثر شرارة ألان ..كأنها تود أن تحترق فتبكي الدم للحياة، الصمت يعِم شوارع الخرطوم الدقائق تقترب للواحدة يزداد سكون الاماكن بشئ يثير الادرنالين في الجسم ، القلب ينبض ببطءٍ شديد ستون ثانية.. هو ذات الصمت ، لا تسمع غير زفير الانفاس يخرج حِمئا كالبراكين، نبض القلوب تتسارع شيئا فشيئا الصورة أبهي ما تكون في هذه اللحظة، أجراس الباعة لا تعمل ، المطاعم مغلقة، المتجولين، بائعات الطريق، أبواق السيارات عشر ثواني ، يرتفع نبض القلوب وكأنها تركض لموعد غرام، هي القلوب التي تشبعت بحب الوطن لا تعرف للمواعيد إحتراما الساعة الواحدة بتوقيت الثورة، أعلم هذا ألان، صوت مئات الكنداكات يُغردن في سماء الخرطوم ، ألالاف الحناجر، هم ألوف مؤلفة من الحناحر تهتف :
حرية سلام وعدالة … الثورة خيار الشعب الجموع..

من كل فج يتحازمون ويهتفون، يخرج الالاف من شتى الاماكن ، من العمارات الشواهق، ومن السيارات ، من المقاهي والمطاعم المغلقة، ها هم يتماسكون ويتشابكون ويبنون سدا منيعا من اي طغيانٍ أثم صوت الثورة، وأغاني الثورة، تشعل الحماس في أصغر من وطأ الشوراع في الخرطوم فيكون قائدا يقود الشعب للخلاص مِئات ألالاف من الجموع تتوافد من كل الاماكن متجهين صوب القيادة العامة للجيش تهتف الحناجر : جيش واحد شعب واحد وتنبض القلوب : حبيناك يا سوداننا .. يا فخر الامم الساعة الثانية ظهرآ : قال الشعب كِلمته بأنا ثائرون في الدرب الي أن تنجلي ما في الصدر من روح، ووعدت الطرقات كلمتها من أمام مقر القيادة العامة يا الف مرحب بالشعب، هي الشوارع لاتخون..
وقال الجيش كلمته : أنا حامي حما الشعبِ الجيش هو الامان في الارض من بعد الله مليون ثائر، ومليون حلم، وهدف واحد يالله بعظمة هذا الامان يا الله بعظمة هِذه الفرحة يا الله بعظمة هذا الشعب يا الله بعظمة هذا السودان يا الله بعظمتك كلها في هذا الجيش وهو يصدر البيان التالي :
بيان رقم (١) : من القوات المسلحة إلي الشعب السوداني المعلم ، وتأكيدآ لرغبة الشعب نعلن إستقلال السودان من هذا النظام الحاكم وعاش السودان حرا نزيها

اترك تعليقاً